لماذا يتدنّى عائد الاستثمار في بورصة عمّان؟

تم نشره السبت 27 أيلول / سبتمبر 2014 01:48 صباحاً
لماذا يتدنّى عائد الاستثمار في بورصة عمّان؟
زياد الدباس

يتمثل الهدف من الاستثمار عموماً في تنمية الأموال أو المدخرات في أدوات أو فرص استثمار، تتنوع في شكل يحافظ على قوتها الشرائية، خصوصاً في ظل الارتفاع المتواصل لمستوى التضخم نتيجة ارتفاع أسعار الخدمات والسلع للعديد من الأسباب. والاستثمار في أسهم الشركات المساهمة العامة المدرجة في أسواق المال من أدوات الاستثمار المهمة لشريحة كبيرة من المستثمرين، خصوصاً الصغار. ولا يحتاج هذا الاستثمار إلى أي جهد بل إلى ثقافة ووعي استثماريين. والاستثمار في أسهم الشركات المساهمة العامة هو بطبيعته بعيد الأجل وذلك للاستفادة من نمو الاقتصاد ونمو ربحية الشركات.
ولأرباح أو مكاسب المستثمرين من الاستثمار في أسهم الشركات المساهمة العامة ثلاثة مصادر، الأول الأرباح النقدية التي توزعها الشركات المساهمة العامة سنوياً على مساهميها، ويعتمد على هذه التوزيعات عدد كبير من المستثمرين لتغطية جزء من مصاريفهم والتزاماتهم السنوية. ويلجأ بعض كبار المستثمرين إلى إعادة توظيف جزء من الأرباح الموزعة والفائضة عن الحاجة في أسهم بعض الشركات، ما يساهم في ارتفاع العائدات.
وبلغ متوسط العائد السنوي في الأسواق المالية المتقدمة على مدى 112 سنة 8.5 في المئة، بينما بلغ متوسط العائد لمؤشر «داو جونز» الأميركي لقرن تقريباً 9.4 في المئة. وإذا أضفنا متوسط نسبة الأرباح الموزعة قد يصل متوسط العائد إلى نحو 14 في المئة. ويُحتسَب هذا العائد بناء على حركة المؤشرات. وحقق مستثمرون عائدات أعلى من مكاسب المؤشرات بنسب مختلفة نتيجة استثمارهم في أسهم شركات حققت ارتفاعات كبيرة في الأسعار وتوزيعات عالية نتيجة النمو الكبير والمتواصل في صافي الأرباح.
ويحقق متوسط عائد بين 10 و14 في المئة في أسواق المنطقة خلال السنين العشر الماضية، بالإضافة إلى التوزيعات النقدية، أهداف المستثمرين وينافس الأدوات الاستثمارية الأخرى. واللافت في أسهم الشركات المساهمة الأردنية، مثلاً، أن نسبة مهمة من هذه الشركات لم توزع أرباحاً منذ سنوات نتيجة تعرضها إلى خسائر أو بسبب انخفاض تدفقاتها النقدية وانخفاض مؤشرات سيولتها. وتفضل شريحة مهمة من المستثمرين الاستثمار في أسهم الشركات الملتزمة بالتوزيعات النقدية السنوية.
والمصدر الثاني لمكاسب المستثمرين في أسهم الشركات المساهمة هو توزيعات الأسهم المجانية إذ تلجأ شركات كل بضع سنوات إلى زيادة رؤوس أموالها لأسباب متعددة من خلال توزيع أسهم مجانية على مساهميها. وتحقق هذه التوزيعات للمستثمرين مكاسب جيدة إذا كانت الشركة تتميز بنمو سنوي عالٍ في صافي الأرباح. وينعكس النمو المتواصل في الأرباح إيجاباً على كثير من مؤشرات الشركات وأسعارها السوقية.
أما المصدر الثالث لمكاسب المستثمرين في أسهم الشركات وهو الأهم فهو الأرباح الرأسمالية الناتجة من الفرق بين سعر شراء الأسهم أو سعر كلفتها وسعرها في السوق. ويعكس سعر أسهم أي شركة في السوق عادة العديد من المؤشرات، وفي مقدمها كفاءة إدارتها وقوة أرباحها. ويعكس ارتفاع نسبة توزيعاتها القيمة الدفترية لأسهمها وقوة مؤشرات سيولتها وتدفقاتها النقدية ومدى التزام الشركة بقوانين الحوكمة ومبادئ الإفصاح والشفافية والحفاظ على حقوق المستثمرين والمساهمين والعمل على تنمية أموالهم، باعتبار أن هذه المؤشرات والحقائق تساهم في ارتفاع حجم الطلب على أسهم هذه الشركات فتعكس الأسعار السوقية لأسهمها قيمها العادلة.
وعند الاطلاع على نشرة الأسعار اليومية الصادرة عن بورصة عمّان، يُلاحَظ حجم الخسائر التي تعرّض لها مساهمو نحو 80 شركة، وهو عدد يقترب من نصف الشركات المدرجة، وذلك نتيجة انخفاض أسعار أسهم هذه الشركات عن القيمة الاسمية، أي أقل من دينار (1.41 دولار). ويقل السعر السوقي لبعض هذه الشركات عن نصف دينار أو ربع دينار. ويعكس هذا الانخفاض الكبير العديد من المؤشرات السلبية لهذه الشركات، ما أدى إلى انحسار الطلب وتدفق عروض بيع كبيرة على أسهمها. ولذلك فإن العائد الاستثماري لهذه الشركات سالب وتختلف نسبته من مساهم إلى آخر حسب الفرق بين كلفة شراء أسهم هذه الشركات وسعرها في السوق، خصوصاً المستثمرين الذين اشتروا أسهم هذه الشركات وقت الطفرة بين 2005 و2008 فتعرضوا لخسائر فادحة.
وفي المقابل يبقى عدد الشركات التي يصل سعرها في السوق الأردنية إلى أضعاف قيمها الاسمية محدوداً على رغم مرور فترة زمنية طويلة على تأسيسها. ولا شك في أن التأثيرات السلبية للأزمة العالمية وما تبعها من أزمات أدت إلى انخفاض أسعار أسهم معظم الشركات المدرجة وتراجع عائدها الاستثماري بنسب متفاوتة. فسهم «البنك العربي»، وهو أقدم شركة مساهمة عامة مدرجة في سوق عمّان المالية وقيمته السوقية تشكل نسبة مهمة من قيمة السوق، تراجع سعره إلى 7.4 دينار بعدما وصل إلى أضعاف هذا السعر وقت الطفرة. وأعلى سعر في السوق حالياً يعود إلى سهم «شركة البوتاس العربية» (24.3 دينار)، وهو أيضاً من الأسهم التي وصلت أسعارها إلى مستويات قياسية خلال الطفرة. ويبلغ سعر «الأسواق الحرة» 15 ديناراً و»بنك الإسكان» تسعة دنانير، فيما تقل أسعار أسهم باقي المصارف عن أربعة دنانير أي أربعة أضعاف قيمها التأسيسية.
وفي المقابل يصل سعر أسهم بعض المصارف في أبو ظبي إلى 20 ضعف قيمته الاسمية («بنك الخليج الأول»)، فيما يصل سعر سهم «بنك أبو ظبي الوطني» إلى 15 ضعف قيمته الاسمية. ولا شك في أن قوة ربحية هذه المصارف ونموها المتواصل وقوة مؤشراتها المالية المختلفة أدت إلى الارتفاع الكبير في أسعارها السوقية. ومعروف أن الخسائر الجسيمة التي تعرضت لها أسعار أسهم معظم الشركات المدرجة في سوق عمّان، وفي مقدمها الشركات المتعثرة، خصوصاً في قطاعات الخدمات المالية والعقارات والتأمين، خفضت متوسط العائد الاستثماري لسوق عمّان بنسبة كبيرة خلال السنين العشر الماضية فلم تحقق نسبة مهمة من المستثمرين العائد المتوقع.

(الحياة 2014-09-27)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات