صوابية أم خطأ ما جرى في اليمن

تم نشره الأحد 28 أيلول / سبتمبر 2014 04:44 مساءً
صوابية أم  خطأ ما جرى في اليمن
الشيخ احمد الزرقان

في عالمنا اليوم الذي تحكمه شريعة القوة ، و منطق الغلبة للأقوى ، و هو منطق و شريعة الغابة فلا مكان و لا وجود و لا سيادة للضعيف مهما كان يملك من الحق ، فالحق الذي لا قوة تحميه حق مهيض و مغلوب و معتدى عليه ، و أما ما يسمى بنظام الديمقراطية فثبت على يقين أنه ألعوبة و أضحوكة يتشدق بها الأقوياء على الشعوب ، حتى إذا ما فازت الأغلبية المسلمة الصادقة الواعية ذات الجماهير انقلبوا على نتائجها ، وسيرة التاريخ الحديث أكبر شاهد على ذلك ، فقد انقلبوا على الديمقراطية عدة مرات في تركيا و في الجزائر و في مصر و في العراق و في تونس وفلسطين و أخيراً في اليمن ، فمن هنا لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين فكيف إذا لدغ مرات و مرات , و عليه بت أكفر بما يسمى النظام الديمقراطي و نتائجه و ان الحق الذي لا تحميه قوة لا قيمة له في ظل شريعة الغاب التي تحكم العالم .

في اليمن كان الإخوان المسلمون هم العامود الفقري لثورته ضد الطاغية علي عبدالله صالح ، و استمرت الثورة ما يزيد على السنة و ملايين البشر في الميادين ، و دفع الثوار ثمناً باهظاً شهداء و أموال ضخمة و جهود كبيرة و حرمان ، و إنحاز للثوار اللواء علي محسن الأحمر و ما معه من كتائب عسكرية ، وبعد تدخل و مصالحة خليجية جاءت حكومة توافق وطني للإخوان فيها دور لا بأس به رغم أن النظام العميق ما زال له بعض الوجود في الجيش و المؤسسات ، ثم حصل التحالف الخليجي من السعودية و الإمارات و إيران و بقية النظام العميق ( لصالح ) و كانت أداتهم في ذلك (الحوثيون) و ضخت أموال و سلاح بشكل كبير و إستغل الحوثيون بعض ضعاف النفوس و إشترتهم بالمال و بمساعدة النظام العميق سيطروا على عمران و راح ضحية ذلك اللواء القشيبي ثم هجموا على العاصمة صنعاء ، فوقف لهم الإخوان و قطاعات من الجيش بالمرصاد و ردوهم خائبين مهزومين ,ثم صيغت خطة جديدة من هذا التحالف اللعين و حصل الهجوم الثاني يوم الأحد 21/9/2014 و أخذت قطاعات الجيش التابعة لعلي عبدالله صالح و بأمر من وزير الدفاع و الرئيس الخائن عبدربه منصور هادي عميل السعودية بتسليم مواقعهم و سلاحهم للحوثيين لكي تحصل مواجهة بين الإخوان و الحوثيين لكي يصفي أحدهم الآخر ، و كما تقول الروايات أن الرئيس اليمني إتصل على أمين عام حزب الإصلاح محمد اليدومي و طلب منه إقناع اللواء علي محسن الأحمر بتسليم موقعه و سلاحه للحوثيين و إلا فإن رأسه مطلوب و سيقصف بالطائرات ، و أقنع اليدومي محسن بالانسحاب و كان منطقه إذا لم تدافع الدولة عن مؤسساتها فلن نكون البدلاء عنها ، و طلب من وزير الداخلية الإخواني عبده حسين الترب استقبال الحوثين على أنهم ثوار و تسليمهم المقار الحكومية كما فعل الجيش ، و رفع اللجان الشعبية المسلحة من الإخوان و الذين قدر عددهم بإثنين و سبعين ألف مقاتل من الشوارع و انسحابهم من المواجهة , و الواضح أن القرار الذي إتخذ لم يكن قراراً مؤسسياً مبني على معطيات و تقدير حقيقي للواقع بل إنه قرار فردي من اليدومي لوحده و ذلك من خلال المعلومات السرية ، فهل كان هذا القرار صائباً أم خاطئاً و أود أن أناقشه بمنطق و واقعية و علمية و شرعية .

اولاً : في الإسلام دفع الصائل امر واجب ، فإذا أراد إنسان أو مجموعة الإعتداء على النفس أو المال أو العرض وجب على المعتدى عليه الدفاع و لو أدى إلى قتل الصائل أو المعتدى عليه (فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ) [سورة البقرة 194] ، و من قتل دون نفسه أو ماله فهو شهيد .

ثانياً : إذا إعتدت طائفة على طائفة فيجب نصرة المعتدى عليها (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ)) [سورة الحجرات:9] .

ثالثاً : نصرة المظلوم واجبة قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( من أُذِل عنده مؤمن فلم ينصره و هو يقدر على أن ينصره أذله الله – عز و جل – على رؤوس الخلائق يوم القيامة ) .

فقد كان شعار الحوثين هو إسئصال جماعة الإخوان المسلمين , و قتل قياداتهم ,و هدم جامعتهم الإيمان, و هدم مقارهم و نهب أموالهم ,و إذلالهم و إستباحة أعراضهم ,و نشرت خطتهم قبل قدومهم في الإعلام فكيف يسلم اليدومي لهم بهذه البساطة و يحقق لهم غايتهم بحجة أننا لا نريد مقاتلتهم لكي لا تقع مذابح في صنعاء , فهل إذا سلمت صنعاء إنتهت مهمة الحوثين لا بل بعد أن إستلموا مفاصل الدولة و نهبوا الأموال و المقدرات و قتلوا كل من يقف في وجههم و لاحقوا قادة الإخوان و بني الأحمر في كل مكان تحقق لهم كل ما يصبون اليه بكل يسر وسهولة.

رابعاً : جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه و سلم ( أنه لا يغلب إثنا عشر ألفاً من قلة ) فقد قال إمامنا الشهيد حسن البنا رحمه الله في رسالة المؤتمر الخامس ( معشر الإخوان المسلمين في الوقت الذي يكون فيه منكم ثلاثمائة كتيبة قد جهزت نفسها روحياً و جسدياً و فكرياً و عسكرياً و علمياً ، في هذا الوقت طالبوني أخوض بكم لجج البحار و أقتحم بكم عنان السماء و أغزوا بكم كل عنيد جبار ، فإني فاعل إن شاء الله و صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أنه لا يغلب إثنا عشر ألفاً من قلة ) .

و كيف و إخواننا في صنعاء كانوا إثنين و سبعين ألف مقاتل و معهم قطاعات عسكرية أخرى برئاسة علي محسن الأحمر و لهم وجود في كل وزارة و مؤسسة رسمية و أمنية .

خامساً : دائماً و أبداً الفئة الصادقة في القتال تكون فئة قليلة و ينصرها الله (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) {سورية البقرة 249} فالقتال لا يعتمد على الكثرة و لا السلاح إنما الصدق و الصبر و الجهاد و الحق و التوكل على الله , فهؤلاء إخوننا في غزة أقرب و أصدق مثال في قتالهم أقوى جيوش المنطقة رغم إمكانياتهم المحدودة حققوا نصرا على اليهود .

سادساً : الإخوان متحصنون بالعاصمة صنعاء و هي مدينتهم ,و يعرفون مداخلها ,و مخارجها ,وجغرافيتها و مناطق القوة ,و الضعف فيها ,رو هذا يعطيهم قوة إلى قوتهم " و ما غًزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا" .

سابعاً : أعداء الله الشيعة لا عهد لهم و لا أمان و لا صدق ، فقد إستباحوا صنعاء و سيطروا على مفاصلها ، و الآن يفرضون أمراً واقعاً من منطلق القوة و هم إقصائيون أصحاب تقية و غدر ، و ستكون خسارة عظيمة للإخوان في مستقبل الأيام .

و المطلوب الآن بعد هذا الخطأ الإستراتيجي الذي وقعت فيه قيادة حزب الإصلاح لا بد من إستنهاض جموع الإخوان , و القريبين منهم ، و الدفاع عن أنفسهم و أعراضهم و أموالهم و مدينتهم بحرب عصابات حتى يخرج الغزاة و إلا فإن المؤامرة مستمرة حتى إستئصالهم و إنهاء دورهم مستقبلا ً.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات