إسقاط قانون ضريبة الدخل

القصد من تقديم الحكومة لمشروع قانون ضريبة الدخل إلى مجلس النواب هو الحصول على زيادة في حصيلة الضريبة في حدود 170 مليون دينار سنوياً أو ثلثي الواحد بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي لتخفيض عجز الموازنة بهذه النسبة، مما يفي بأحد متطلبات برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يراجعه صندوق النقد الدولي.
لكن مجلس النواب الموقر ذهب بالاتجاه المعاكس، وبدلاً من زيادة حصيلة الضريبة بمبلغ 170 مليون دينار سنوياً أجرى تعديلات من شأنها إنقاص الحصيلة بحوالي 113 مليون دينار مما يرفع العجز في الموازنة بما يقارب نصف الواحد بالمائة بدلاً من إنقاص العجز بالنسبة المشار إليها أعلاه.
يبدو أن مجلس النواب لا يحترم لجانه المتخصصة، ولا يأخذ توصياتها مأخذ الجد، فهو يعيد بحث الموضوع من أوله، وكأن اللجنة لم تفعل شيئاً، ولم تستأنس بآراء الخبراء، ولم تناقش أدق التفاصيل لعدة أيام أو أسابيع قبل التوصل إلى توصيات محددة.
أوصت اللجنة مثلاً بتخفيض الجزء المعفى من الدخل من 24 ألف دينار إلى 18 ألف دينار سنوياً مما يوسع قاعدة الضريبة مع إمكانية زيادة الإعفاء لغاية أربعة آلاف دينار أخرى إذا كانت معززة بفواتير تغطي نفقات طبية أو تعليمية أو غير ذلك.
المجلس لم يأخذ بتوصيات اللجنة ورفض تخفيـض الإعفاء المقطوع، ولكنه أخذ بإعفاء أربعة آلاف دينار إضافية بموجب فواتير، وبذلك ارتفع الإعفاء الكلي إلى 28 ألف دينار، أي بمعدل 2335 دينارا شهرياً، الأمر الذي ُيخرج الأغلبية الساحقة من المواطنين من حضيرة الضريبة ويحرمهم من إثبات مواطنتهم عن طريق الإسهام في دفع الضريبة.
الأصل في المواطن أنه (دافع ضريبة) وبهذه الصفة يحق له أن يحاسب الحكومة وأن يسهم في صنع القرارات المصيرية.
مر وقت كان فيه حق التصويت على عضوية مجالس البلديات مقصوراً على دافعي ضريبة المسقفات، فإذا كانت القاعدة تقول لا ضريبة بدون تمثيل، فإن عكسها صحيح أيضاً فلا تمثيل بدون ضريبة.
يذكر عن وزير خارجية أميركا الأسبق شولتز أنه عندما تعرض للتهجم والتجريح من قبل النواب فال لهم: لا تظنوا أنكم تستطيعون شتمي لأني وزير فأنا دافع ضرائب أيضاً.
الوزير مسؤول أمام دافع الضرائب وليس العكس.
( الرأي 2014-10-02 )