الايمان حين يتحرك في حياتنا..!

تم نشره الجمعة 03rd تشرين الأوّل / أكتوبر 2014 01:09 صباحاً
الايمان حين يتحرك في حياتنا..!
حسين الرواشدة

هل تشعر بالايمان؟ هل تحتاج الى اختبار ايمانك؟ هل تجتاحك موجة من اليأس والقلق والغضب؟ هل تحس بالسكينة والطمأنينة والسلام الداخلي؟ هل تريد ان تطهر نفسك من الخوف والنفاق والحسد والحقد والشر ، هل تحب ان تكون مؤمناً وان تذوق حلاوة الايمان في حياتك.. وآخرتك ايضاً؟

لا بدّ ان تكون صادقاً مع نفسك حين تتدافع هذه الاسئلة الى ذهنك وتحاول ان تجيب عليها ، لكن - ومهما كان - حذار من ان تقفل باب المراجعة والعودة ، فالطريق مفتوح دائماً امامك للدخول في روضة الايمان ، وحذار ان يدفعك الاحساس بضعف ايمانك الى الكسل او النكوص او القعود ، فالايمان نفحة الهية يقذفها الله في قلوب عباده الذين يشتاقون اليه ، ويسعون الى رضاه ، وهو - ايضاً - ميدان للمتنافسين في طاعته المتعلقين ببابه ، المشمرين عن سواعدهم للعمل وطلب المغفرة والمستعلين باسمه عن كل الشهوات والمحن والشدائد

يرتبط مفهوم الاصلاح في القرآن الكريم بالايمان ، فلا اصلاح بدون ايمان ، كما انه لا ايمان بدون عمل صالح يترجم الاعتقاد ويجسده ، لكن ثمة من يرى ان الايمان مقتصر على العبادات والطقوس فقط ، وان المؤمن مطالب - على احسن افتراض - باصلاح نفسه ، ولا ضير على ايمانه ان لم يهتم بأمر مجتمعه ، او ان يعمل على اصلاحه.

ورغم تهافت هذا الرأي الذي يختزل الايمان في قلب الانسان فقط ، ولا يجعله سبيلا للفاعلية الحضارية ، وصاعقا لتفجير الطاقات الكامنة في داخل المؤمن نحو الخير والعمل والاصلاح والهداية ، الا ان واقع المسلمين اليوم يشير الى ان الايمان قد استقر في مفهومهم على هذه الارضية ، والا فكيف يمكن ان نفهم سر هذا التراجع والضعف والهزائم والمحن التي نعيشها ، وكيف يمكن ان نحيط بكل هذا التخلف الذي اصابنا.. اللهم الا اذا كان نقص الايمان وتراجع فعاليته هما السبب في ذلك.

في القرآن الكريم ثمة اشارات تؤكد ان الايمان والاصلاح وجهان لحقيقة واحدة ، وان غيابهما يعني الهلاك للفرد والمجتمع فمن آمن واصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون وما كان ربك ليهلك القرى بظلم واهلها مصلحون الا الذين تابوا واصلحوا واعتصموا بالله واخلصوا دينهم فأولئك هم المؤمنون وهذا يعني ان المؤمن الحقيقي هو الذي يرى الاصلاح ، بأنواعه ، طريقه الى الله تعالى ، فلا يستكين ولا يتقاعس ولا يشعر بالاحباط او اليأس ، لانه منشغل دائما بالاصلاح والعمل الصالح ، اصلاح نفسه وضميره ، واصلاح بلده ومجتمعه ، واصلاح العالم كله.

واول ما يدرج على قائمة الاصلاح ، بعد اصلاح النفس ، اصلاح طرائق التفكير ، او مناهج الفهم لدين الله ، اذ لا يجوز ان تكون صور تديننا مخالفة لحقيقة الدين ، كما لا يجوز ان نعبد الله عن جهل ، وعليه فإن دور العلماء المصلحين يبدو ضروريا في دائرة التخصص الديني ، بمعنى ايصال حقائق الدين الصحيح ، والايمان غير الفاسد ، الى الناس ، وعدم اختزال الاسلام في دوائر ضيقة تفرغه من روحه او مقاصده العظيمة.

كما ان احترام ايمان الاخر ، واعتباره نوعا من التكامل الايماني المفيد للاصلاح ، مطلوب ايضا ولا تجادلوا اهل الكتاب الا بالتي هي احسن الا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل الينا وأنزل اليكم والهنا والهكم واحد ونحن له مسلمون فالخطاب القرآني - هنا - هو خطاب للمؤمنين كلهم.. وفيه تستوى الانسانية المؤمنة على صعيد الايمان الواحد الذي يرفض العدوان والظلم والاستبداد.

الايمان ليس كلمة يقولها اللسان ، او يعتقدها الجنان ، وانما سلوك وعمل ، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ، وهو - ايضاً - المنطلق الصحيح للفعل البشري الذي يبحث عن السعادة ، وترجمانه العبادة ، بأشكالها وانواعها ، ومعياره سلامة النية والهدف وراحة الضمير ، وآثاره لا تخفى ، ثبات عند المحن ، وصبر على الابتلاء ، ونفور من المعاصي ، وتوكل دائم على الخالق ، وأمل بالغيب ، وثقة بالمستقبل ، ومحبة دائمة لعباد الله المؤمنين ، وانحياز للانسان ، ودفاع عن الامة ، والتصاق بالدين الصحيح ، ويقين بالنصر والعزّة ، وسعي للاصلاح ، وعروج في الملكوت ، واحساس متجدد بالحياة وتعلق دائم بالآخرة

لا شك ان اعتبار الايمان مدخلا ضروريا للحديث عن الاصلاح ، وعن التنمية البشرية ، وعن التقدم والوحدة والتماسك ، يبدو غائبا عن واقعنا المعاصر.. لكنها مجرد اشارات نتمنى ان تفتح امام عقولنا طريق التفكير باستثمار طاقتنا الايمانية لخدمة امتنا والانسانية.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات