الشراكة بين القطاعين شعار جميل ومضلل

لا أفهم المقصود بالشراكة بين القطاعين العام والخاص ، فهذا اصطلاح يكتنفه الغموض ويمكن من خلاله تمرير أي شيء.
إذا كان المقصود هو المشاركة في الاستثمارات فقد تخلت الحكومة عن دورها السابق كمستثمر في مشاريع ربحية تاركة المهمة للقطاع الخاص ، ومهتمة بدورها كمراقب ومنظم ، فالقطاع الخاص يتحرك بحافز الربح والقطاع العام يتحرك بحافز المصلحة العامة ، والمفروض أن يقوم كل منهما بدوره كاملاً غير منقوص.
وإذا كان المقصود بالشراكة الإسهام في صنع القرارات الاقتصادية ورسم السياسات وصياغة التشريعات والأنظمة فليس من المفيد خلط الأدوار وجر القطاع الخاص إلى دائرة صنع القرارات الاقتصادية ، فهذه مهمة الحكومة ومسؤوليتها ، أما القطاع الخاص فيستطيع أن يدافع عن مصالحه وأن يضغط على الحكومة لحماية هذه المصالح أو للحصول على المكاسب ، ولكن لا يجوز أن يسمح له باتخاذ قرارات أو المشاركة في صنعها لخدمة مصالحه الخاصة التي يمكن أن لا تنسجم مع مصلحة المجتمع.
يفهم البعض الشراكة بين القطاعين على أنها تعني أن تقام المشاريع على أساس أن الربح للمستثمر على ان تكفل الحكومة الخسارة ، أي أن يكون القطاع (شريك مضارب) لا يتحمل أية مخاطر ، له الربح وعلى الحكومة أن تتحمل الخسارة. هذه الصيغة مرفوضة منطقياً.
ليس المطلوب تداخل القطاع الخاص بالقطاع العام بحجة التكامل ، بل فك الاشتباك بين القطاعين وقيام كل منهما بدوره المرسوم.
في هذا المجال لا بد من ملاحظة أن معظم الحكومات تضم رجال أعمال من القطاع الخاص ، فتجد أحد الصناعيين وزيراً للصناعة ، ومهندساً في شركة اتصالات خلوية وزيراً للاتصالات ، ومدير مستشفى وزيراً للصحة ، وصاحب مزرعة في الغور وزيراً للزراعة أو المياه ، وصاحب مكتب سياحة وزيراً للسياحة ، ولكن قبول المنصب الوزاري يستوجب أن تتغير الأولويات ، فلا يبقى الشخص المعني رجل أعمال بل يصبح سياسياً يستهدف المصلحة العامة وليس خدمة شركته أو القطاع الذي جاء منه.
تعرف الحكومة سلفاً ما يريده القطاع الخاص تجاه أية قضية من القضايا ، فالصناعة تريد الحماية الجمركية وإعفاء المدخلات ، والتجارة تريد تخفيض الرسوم الجمركية وتخفيض ضريبة المبيعات والدخل وهكذا ، ولا يهم أن يؤدي ذلك إلى تفاقم العجز في الموازنة وارتفاع المديونية.
( الراي 2014-10-03 )