كلام آخر حول تصويت برلمان بريطانيا لصالح فلسطين

تم نشره الأربعاء 15 تشرين الأوّل / أكتوبر 2014 03:38 صباحاً
كلام آخر حول تصويت برلمان بريطانيا لصالح فلسطين
ياسر الزعاترة

قيل الكثير حول تصويت مجلس العموم البريطاني لصالح فلسطين، لاسيما ما يتعلق برمزية الخطوة كونها غير ملزمة للحكومة البريطانية فيما خصّ سياستها حيال القضية الفلسطينية والصراع العربي الصهيوني، الأمر الذي يبدو مثيرا للسخرية في واقع الحال، إذ أية ديمقراطية تلك التي لا تعترف برأي غالبية ممثلي الشعب؟! لكننا نتذكر هنا أن الديمقراطية هي إدارة الهوامش، الأمر الذي لا ينطبق على قضية محورية من هذا اللون تتعلق بأسس العلاقة الإستراتيجية مع الولايات المتحدة.
من المؤكد أن ما جرى كان تعبيرا عن خسارة الكيان الصهيوني للرأي العام البريطاني كما قال الكاتب البريطاني ديفيد هيرست، وهو أمر لن يكون سهلا على قادة الكيان مهما حاولوا التخفيف من وقع المصيبة بالقول إن ذلك لن يلزم الحكومة البريطانية بشيء.
على أن الذي يعنينا هنا هو تلك الزفة التي تريد منح جائزة ما جرى للخط السياسي لمحمود عباس الذي خرج بفكرة عرض الاعتراف بالدولة الفلسطينية على مجلس الأمن ثم الأمم المتحدة، الأمر الذي وجد ردا إيجابيا من السويد، تلته بريطانيا بهذه الخطوة الرمزية.
الحق الذي لن يعترف به أنصار المفاوضات والتنسيق الأمني، والتعويل على المؤسسات الدولية هو أن ما جرى في مجلس العموم البريطاني إنما يشكل انتصارا للمقاومة في قطاع غزة، وتنديدا بالعدوان الصهيوني، وليس لفكرة عباس، والنتيجة أن ما جرى لم يكن ليتم لولا تلك المعركة البطولية التي خاضها الفلسطينيون باقتدار.
نعم، إن ما جرى يعد تأكيد على صوابية خط المقاومة وليس الخط الآخر، لأن الشعوب الحرة لا تنتصر للمستسلمين، بل للذين يقاومون، ونتذكر هنا، ويجب أن نتذكر استطلاع الرأي الذي أجراه الاتحاد الأوروبي عام 2002، وفي ذروة العمليات الاستشهادية التي تراها سلطة أوسلو إرهابا، وكذلك الدول الغربية، والذي كانت نتيجته قول 59 في المئة من الناس إن الكيان الصهيوني هو الدولة الأخطر على السلام العالمي.
المسيرات التي عمت أنحاء القارة الأوروبية خلال العدوان الأخير على قطاع غزة تؤكد ما تفعله المقاومة بضمير الشعوب الحرة، ولو بقي الاستيطان والتهويد قائما من دون ردة فعل مقاوِمة لما تحرك أحد في هذا العالم.
ثمة جانب آخر له أهميته بكل تأكيد، يتمثل في الصلف الصهيوني الذي يتمثل في استمرار الاستيطان والتهويد من دون توقف، لكن ذلك لا يساوي شيئا أمام بهاء المقاومة، ولا يحرك الشعوب الحرة لصالح الشعب الفلسطيني، ولا يضغط تبعا لذلك على البرلمانيين ويدفعهم نحو اتخاذ خطوة كالتي نحن بصدد الحديث عنها.
من هنا، فإن اتخاذ ما جرى سلما لتأكيد صوابية خط سياسي بائس عنوانه المفاوضات والتعويل على المؤسسات الدولية، والدبلوماسية وحدها من دون مقاومة، لن يعني سوى استمرار التيه الراهن، ومن أسف أن مسألة إعمار قطاع غزة ستستخدم من أجل تحقيق ذلك الهدف.
لو أعلن الشعب الفلسطيني انتفاضة شاملة في كل الأرض الفلسطينية عنونها دحر الاحتلال من دون قيد أو شرط عن الأراضي المحتلة عام 67، مع عودة اللاجئين، لانتصر أحرار العالم لإرادته، لكنهم لن يكونوا ملكيين أكثر من الملك، وحين يتنازل عباس عن كثير من الثوابت (بلغة الشرعية الدولية وليس قناعاتنا) ويصر على التنسيق الأمني، فلن يتحركوا.
لا أفق للقضية مع قيادة كهذه، ومع خط سياسي كهذا. إنها الحقيقة التي يجب على شرفاء الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات أن يدركوها، ويتحركوا على أساسها، وإلا فنحن أمام مزيد من التيه لهذه القضية المقدسة.

(الدستور 2014-10-15)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات