إنكار الحقائق
في ظاهرة إنكار الحقائق أو تجاهُلها أو تغييبها أو إمالة دفتها!
واعجبي! أبِلَحْظةِ عَينٍ تتبدل المواقف فيبدأ المُتشدِّقون والمُتفيهقون بالتنظير والتشريق والتغريب، وبثِّ سموم الشَّك والتشكيك ونَسْج الأوهام! أوَ تتناسى هذه الفئات أن الأردن قد مرَّ في تاريخه المعاصر بظروف صعبة ومراحل بالغة الخطورة وتحديات جمَّة غير أنه خرج منها خروج المنتصر الظافر؟ فإن كانت تعي ذلك وتتجاهل فهذه مُصيبة ، وإن تجاهلت عن قصدٍ ولمآربَ غير مُعلنة ففي الأمر ما يدعو لِلْرِيبَة والشك، بل والتساؤل ما الغاية من ذلك ؟
ثُمَّ إلى متى تبقى هواية إلصاق التُّهَم، واختراع القصص، ونَسْج التخيُّلات، دون وجه حقٍ أو مُبرِّرٍ بحقِّ مَن لمع بريقهم في الخدمة والعطاء والتفاني في الأصعدة المختلفة؟ هذه الظاهرة المُحزِنة، بل هذه التجارة البائسة هي الشُّغل الشاغِل لفئات تعشق المجالس والصالونات، وتكون مُنتسبةً -أو تتردد- على أنشطة المؤسسات والجمعيات والنوادي. وهناك فئة ما تزال تتحدث أو تَخُطُّ المقالات مُدَّعية عدم تحقُّق حرية التعبير عن الرأي، متناسية ومتجاهلة كم ارتفعت، وارتفعت، سقوف ما ردَّدَتْهُ الحناجر في المسيرات لسنوات ثلاث في جوٍّ ديمقراطيٍّ منفتح. ولسنا بمعرض تقديم براهين من الداخل، إنما ننصح الرجوع لما وثقته وسائل الأعلام الخارجي التي تابعت ورصدت وأكَّدَت! وهناك فئة تهوى تناول مَن غيّبهم الردى، في إنكارٍ وتجاهُلٍ لتضحياتهم وَوَقفاتِهم المشرفة يوم رفعوا السُّرُج ومضَوا في تبديد عتمة الدروب في مرحلة خطيرة من تاريخ الأمة.
ثمّ أيَجوز للبعض تجاهل ما تحقق على أرضنا الأردنية من نماءٍ وتقدمٍ وازدهارٍ؟ لهذه الفئة نقول: حَسْبُكم أن تعودوا بالذاكرة إلى ما كانت عليه الأمور والأحوال قبل عقود قليلة من الزمن، ثم ركزوا أبصاركم على ما تَحقَّق وأنْجِزَ في جميع المجالات: مِن التعليم إلى الطب إلى سائر التخصصات العلمية إلى العِمران والهندسة إلى شبكات الشوارع والطرق إلى وسائل المواصلات البرية والبحرية والجوية إلى الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلى المياه والكهرباء وغير ذلك الكثير الذي يتعلق بحياة الناس ومعيشتهم ومستقبل أبنائهم. نعم، لقد قطعت المملكة شوطاً كبيراً من التطور والتقدم والنماء لا يجوز أن يتناساه أيّ عاقلٍ مُدركٍ، وقد جرى ذلك كلِّه في أجواء من الأمن والآمان والاستقرار بفضل حِكمة قيادتنا الهاشمية وفِطنتها، وسَهر ويقظة الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة، الذين من العدل أن نشهد بكفاءتهم وخبرتهم ومَقدرتهم وبُعدِ نظرِهِم في التعاطي مع جميع الشؤون والظروف بانتماءٍ وَوعيٍ وإرادةٍ قوية.
وختاماً، إن البقاء ضمن جَمهرة المُتفرِّجين وترك هواة السباحة في الغيوم يسرحون ويمرحون، تارةً في إنكار الحقائق، وطوراً في تغييبها وتجاهُلها، وآناً في قلبها أو إمالة دفتها حسب المصالح والأهواء، مسألة لا طاقة لنا باحتمالها مِن بعد لآثارها السلبية غير المنظورة على المدى القريب! وعليه لا بُدَّ من أن تتحرك الجهات الرسمية من إعلامية وثقافية وتعليمية وتربوية لوضع الأمور في نصابها وجَلاء الحقائق أمام جميع الناس وهذا لا نحْسَبُه إلاَّ من صُلب مُهماتها ورسالتها !