تسعيرة النفط أفقدت الثقة بالسلطة التنفيذية

مما لا شك فيه أن من العوامل التي ساهمت بارتفاع مستوى معيشة المواطنين، خاصة ذوي الدخل الذي يقل عن ستمائة دينار والذين يشكلون حوالي 89٪ من القوى العاملة، وفقاً لدراسات رسمية يتمثل في ارتفاع أسعار المشتقات النفطية.
وكل الشعب صغيره وكبيره يدرك أن أسعار النفط صعودا وهبوطاً، تؤثر على مستوى المعيشة وتكاليفها، وبالطبع هذا يشمل المنتجات الصناعية والزراعية والقطاعات التجارية والخدمية ووسائل النقل العام والخاصة طبعاً، إضافة الى ارتفاع أسعار الكهرباء والمياه وغيرها.
ولكن للأسف فإن القناعة لدى غالبية الشعب أن الأسعار ترتفع ولا تنخفض بعد ذلك، إلا إذا أصاب الركود والتراجع الحركة التجارية.
أو قرب انتهاء صلاحية المواد والمنتجات التي تحدد صلاحيات استخدامها وتناولها بمدة زمنية محددة، وفقاً لتاريخ الانتاج هذا في حال الحفاظ على مواصفات وشروط التخزين والنقل.
بالطبع رأيت أن أقدم لصلب الموضوع بهذه الأسطر، للفت الانتباه الحكومي والنيابي والأمني لمدى تأثير ذلك وتداعياته الأنية أو المستقبلية على قطاعات واسعة من المواطنين، الذين بغالبيتهم فقدوا الثقة بالسلطة التنفيذية. ولعبت تسعير المشتقات النفطية «المجهولة عوامل التسعير» عاملاً أساسياً لفقدان هذه الثقة، ومن يتواصل مع المستويات المختلفة والشعب سيصل إلى هذه النتيجة.
أما وقد عملت الحكومات السابقة على تحديد سعر النفط وفقاً للأسعار العالمية، فهذا يعني سقوط ذريعة السلطة التنفيذية بأنها تقوم بدعم المواطنين، وبأنه حان الوقت لإنهاء الدعم، وهذا يتطلب رفع الأسعار ولكن يبقى تساؤلاً مهماً لدى الناس، بأنه عندما بلغ سعر برميل النفط حوالي مائة وخمسين دولاراً، كان سعر اللتر للبنزين الخالي من الرصاص 90 أوكتين حوالي ثمانين قرشاً أي متوافقاً مع السعر العالمي ودون دعم. ولكن الشعور والانطباع العام أن الحكومة في ذلك الوقت كانت تدر أرباحاً مجزية من وراء هذه التجارة المحتكرة من قبلها.
والآن وإذ يتداول سعر نفط برنت بحدود 85 دولارا للبرميل، فإن سعر لتر البنزين 90 أوكتين تسعة وسبعون قرشاً، أي تقريباً مساوٍ للسعر عندما بلغ سعر برميل النفط ذروته عام 2008، وهذا يقود إلى التساؤل لماذا هذه النسب المرتفعة من الضرائب على المشتقات النفطية؟ هل هي بهدف إفقار الشعب للانشغال بتأمين بعض أساسيات حياته، ظناً من السلطة التنفيذية وأجهزتها أن بذلك يبتعدون عن متابعة الأمور السياسية الخارجية منها والداخلية وما يشوب ذلك وشللية ومحسوبية وفساد بشقيه المالي والإداري؟
والآن وإذ ينتظر الشعب تسعير النفط في نهاية الاسبوع القادم. وما هي النسبة التي ستعتمدها اللجنة الحكومية، وهل ستكرر تخفيض السعر بعشر أو خمس فلسات أم بماذا؟
ولكن فقط برنت انخفض عالمياً حوالي 25٪ عن ذروة سعره البالغ 115 دولاراً للبرميل، وعندما كان سعر الليتر 85 قرشاً، أي بكلمات أخرى أن السعر المفترض أن يكون مع بداية الشهر القادم (شهر تشرين الثاني) حوالي 65 قرشا للتر.
وإذا ما أضفنا لذلك أن سعر النفط الذي تستخدمه مصفاة البترول للتكرير وفقاً لخبراء بترول، هو النفط الثقيل الأرخص سعراً عالمياً، فهذا يعني أن السعر يجب أن يكون أقل من ذلك بكثير.
أن تخفيض أسعار النفط وفقاً للسعر العالمي، دون إضافة أي شكل من أشكال الضرائب الإضافية والخاصة، كفيل بمساعدة غالبية الشعب بتأمين مزيد من أساسيات الحياة، بعيداً عن الديون التي أثقلت وتثقل كاهل محدودي الدخل، هذا في حال أيضاً تبنت الحكومة مراقبة الأسعار لكافة المنتجات والمواد الصناعية والتجارية والغذائية والخدمية والطبية وغيرها، والزام هذه القطاعات بتخفيض أسعارها بنفس نسب رفع الأسعار.
هذا هو أقل ما يمكن أن يتوقعه غالبية الشعب للتفكير بإعادة الثقة بالسلطة التنفيذية وأجهزتها وبدورها والمهمات والصلاحيات المناطة بها والتي تتجسد فقط في السهر على خدمة الناس وتأمين الحياة الكريمة لهم..
(السبيل 2014-10-22)