نقابة المهندسين ... من الأحلام الى الأوهام

تم نشره الجمعة 31st تشرين الأوّل / أكتوبر 2014 09:13 صباحاً
نقابة المهندسين ... من الأحلام الى الأوهام
م.أنس معابرة

من بعد أن تخرجنا من الجامعة وحصلنا على شهادة الهندسة؛ قمنا بما يقوم به كل مهندس حديث التخرج في الأردن وهو الحصول على عضوية نقابة المهندسين، معتقدين بأن أبواب السعادة والنجاح ستكون خلف أبواب النقابة ومفاتيحها هي العضوية لتلك النقابة.

وبعد الإنتساب الى النقابة و"تدبير" المبلغ المطلوب كطالب جامعي حديث التخرج لم يعمل بعد من أجل دفع الإشتراك السنوي بدأنا البحث عن المزيا التي ستمنحنا النقابة إياها مقابل هذا الإشتراك السنوي وهو اربعون دينار أردني وما زلنا نبحث عن تلك المزايا.

وحثنا زملاءنا على الإشتراك بإحدى المزايا التي تقدمها النقابة وهي صندوق التقاعد، حيث يقوم المهندس بدفع أقساط شهرية تبدأ بمبلغ بسيط حوالي 12 دينار أردني وتزداد كل خمس سنوات لتصل الى ما يقارب 50 دينار شهرياً عندما يقترب المهندس من سن التقاعد ليحصل في النهاية على راتب بحدود 250 الى 1000 دينار أردني.

وأخذنا نبحث في أنشطة النقابة المختلفة ونقلب مطوياتها التي لم يوجد بها ما يخدمني كمهندس حديث التخرج سوى بعض الدورات غير المطلوبة في سوق العمل والتي عادةً ما تكون مجانية أو بأسعار تفضيلية، بالإضافة الى بعض النشاطات الإجتماعية والتربوية والتي تتم بمجهود كبير من بعض منتسبي النقابة ومن زملاءنا المهندسين المنتسبين الى اللجان الفرعية في النقابة كاللجنة الإجتماعية والثقافية دون أن تبذل النقابة أية مجهودات تذكر.

ومن النشاطات التي تقدمها النقابة والتي قد يستفيد منها المهندس هو قرض الزواج، حيث تقدم النقابة قرضاَ حسناً قيمته 2000 دينار أردني دون إحتساب أية فوائد للمقبلين على الزواج، ويعتبر هذا النشاط من أفضل وأنجح النشاطات التي تقدمها النقابة.

ولكن ما صب لجام غضب المهندسن على النقابة هو إهمالها لأكثر من مئة الف مهندس في الأردن، وتم هذا الإهمال بجوانب عدة نذكر بعضاً منها:

أولاً: الغياب عن الواقع الأردني الصعب

إن نقابة المهندسين غائبة تماماً عن وضع الشارع الأردني ولا تكترث الى الحوادث والأحداث التي يمر بها الأردن والشعب الأردني بوتيرة متسارعة في الآونة الأخيرة، بل أصبح الكثير من أبناء الوطن يشككون في إستراتيجية هذه النقابة وأجندتها وآلية عملها.

تغيب النقابة عن وضع المواطن الأردني الصعب الذي أصبحنا نراه يقلب صفائح القمامة بحثاً عن لقمة من الخبز، والأردني الذي لم يستطع النوم في الشتاء والبرد القارس بسبب أرتعاش أطرافه ورجفة جسده النحيل، النقابة غائبة عن الطبقة المتوسطة التي باتت طي الكتمان وتحول أهلها الى الطبقة الفقيرة بسبب إرتفاع أسعار المواد الغذائية والتموينية والمحروقات والكهرباء وغيرها.

وبالمقابل تستيقظ النقابة على هموم اللاجئين السوريين أو العراقيين، بل تشنف أسماعها وكيانها لسماع أخبار الأزمة الأوكرانية، أو تقلب الصفحات لتستعرض أخبار المسلمين في دارفور واليمن والعراق وغيرها.

تسعى بكل ما أوتيت من قوة مالية ونقابية وسياسية الى دعم الأشقاء في غزة بالأدوية والملابس والمواد الغذائية، متجاهلة حال من حولها من أبناء الأردن وأطفال المخيمات الذي يحرقون الأحذية القديمة في الشتاء من أجل الحصول على قسط من الدفء، وهنا أستذكر المثل القائل "الزيت إن ما كفى ناس البيت يحرم على الجيران" أو "يحرم على الجامع".

أليس من الأفضل أن تلتفت النقابة الى أهلها وأبناءها من فقراء ومساكين هذا الوطن العزيز، لماذا تعمل وفق الأجندة الخارجية وتتناسى أجندتها وواجبها الداخلي؟.

ثانياً: وضع المهندسين في الأردن

بعد أن تحقق حلمنا بالإنتساب الى نقابة المهندسين بعد التخرج، إعتقدنا بأنه قد أصبح لدينا من يدافع عن حقوقنا ويطالب بإمتيازاتنا ويقدر حجم العمل والتطوير الذي نقوم به.

ولكن كانت صدمتنا كبيرة حين أدركنا أننا إنتسبنا الى إحدى دوائر الجباية التي تعتبر أن تحصيل الأموال وجبايتها من جيوب المهندسين غايتها وهدفها. فتفرض غرامات مالية على من يتأخر يوماً واحداً في تسديد الأقساط المترتبة عليه، وتقبل بالدفع من خلال الأثر الرجعي الممتد الى عشرات السنين بشرط دفع الفوائد المترتبة على هذه الأمول.

ويعاني الكثير من المهندسين اليوم من الظلم والتهميسش وتدني الأجور التي قد تصل الى 150 دينار أردني، بالإضافة الى التلاعبات التي تقوم بها النقابة بالتعاون مع بعض الشركات الكبرى؛ بحيث تقوم النقابة بتوفير المتدربين لهذه الشركات برواتب متدنية جداً على أمل توظيفهم بعد إنهاء فترة التدريب والتي تمتد من 3 الى 9 أشهر، ويعمل بها المهندس المتدرب كأي موظف عادي من حيث المهام والواجبات بل ربما

أكثر، ثم تقوم الشركة بإنهاء خدمته وإستبداله بمتدرب آخر عن طريق النقابة الموقرة.

هل أصبح المهندس حديث التخرج اليوم رهيناً لتلاعبات النقابة وغدرها بدل أن تقف الى جانبه وتسانده وتطالب بحقه في وظيفة محترمة وبدخل معقول؟.

ثالثاً: تدني مستوى الخدمات

ربما يستغرب الكثيرون من هذا الطرح خصوصاً بعد مشاهدة نشاطات النقابة من الأراضي والإسكانات وغيرها على أرض الواقع.

في الحقيقة تقوم نقابة المهندسين بشراء قطع الأراضي وفرزها وتوصيل الخدمات اليها من الماء والكهرباء وفتح الطرق المؤدية اليها، ثم تقوم بعرضها للبيع بأسعار ممائلة أو تفوق مثيلاتها في الأسواق، فأين دور النقابة في تحسين وضع المهندس ودعمه؟ وتقوم أيضاً ببناء الإسكانات وعرض الشقق السكنية للبيع بأسعار عالية مقارنة مع أسعار الشقق في السوق المحلية فهل تعتبر هذه خدمة أم تجارة؟

وتقدم النقابة أيضاً تمويلاً لشراء السيارات أو الشقق أو الأرضي والعقارات بل حتى لصيانة المنزل، ولكن نسب مرابحة النقابة مشابهة لنسب مرابحة البنوك الأردنية ولا تقل عنها، بل تزداد المعاملة تعقيداً في النقابة بإحضار الكفلاء والتوقيع على شيكات أو كمبيالات وإجراءت أخرى لا تقوم بها البنوك عادةً.

فأين أنت من المعاملات الإسلامية أيتها النقابة وأنت نفرضين الأرباح والعمولات والفوائد على القروض كلها؟ وأين أنت من دورك في تحسين وضع المهندس وتقديم الخدمات له وانت تمصين دمه وترهقين كاهله بالفوائد والأقساط؟ أم تكتفين بدورك في جباية الإشتركات الشهرية والسنوية وأعمال التجارة والإستثمار وتحقيق الأرباح من أجل فقراء دارفور وبنغلادش وبلاد الهونولولو؟



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات