عندما تحدث كارتر عن خيار الدولة الواحدة..!

يبدو ان الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر قد تفوق كثيراً على جميع أقرانه من الرؤساء الأمريكيين الذين جاءوا بعده « كلينتون وبوش الأب وبوش الأبن والرئيس الحالي باراك أوباما « في إهتمامات الإدارة الأمريكية بالقضية الفلسطينية.
مؤخراً.. عبر الرئيس كارتر عن أسفه لأن إدارة الرئيس باراك أوباما تخلت عن استخدام نفوذها لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وهي قادرة على ذلك حسب قوله.. وأسف أيضاً بأن الولايات المتحدة الأمريكية لم يعد لها أي تأثير كبير وواضح على الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي وهي المرة الأولى منذ العام 1997 وحتى الآن وهذا كله وفق الرئيس كارتر نفسه جعل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتخلى عن حل الدولتين وقيامه بالسيطرة على الضفة الغربية المحتلة من خلال بناء مزيد من المستوطنات فيها ومزيد من إستثمار بيوت الفلسطينيين في القدس الشرقية التي يطالب الفلسطينيون جعلها عاصمة لدولتهم المستقبلية.
في هذه العُجالة الصحفية للرئيس كارتر رأي مهم بشأن حل القضية الفلسطينية على أساس « الدولة الواحدة « للعرب واليهود في فلسطين التاريخية، ففي مقالة له بصحيفة الواشنطن بوست مؤخراً لم يعلمنا اسماء القادة والشخصيات الفلسطينية الذين قابلهم اثناء زيارته مؤخرا للاراضي الفلسطينية والشرق الاوسط مؤكدين له انهم يدرسون بجدية الحل القائم على الدولة الواحدة للصراع الفلسطيني الاسرائيلي تقع ما بين البحر المتوسط ونهر الاردن للخروج من المأزق الحالي لعملية السلام التي لم تسفر عن شيء لصالح القضية الفلسطينية والتي تحولت الى « ملهاة « لكسب الوقت وخلق حقائق اسرائيلية جديدة على الارض.
فكرة الرئيس كارتر عن « الدولة الواحدة « هذه ليست بالجديدة على الشارع السياسي الفلسطيني والعربي والعالمي فقد طرحتها منظمة التحرير الفلسطينية في الستينات كما طرحها: الدكتور ادوارد سعيد والدكتور سري نسيبة والرئيس السابق معمر القذافي والسيد حسن نصر الله والشاعرة والروائية الاميركية الافريقية الاصل أليس ووكر اثناء زيارتها للارض المحتلة.
و اتذكر أنني التقيت المرحوم شفيق الحوت في بيروت العام 94 من القرن الماضي فتنبأ بفشل حل الدولتين مؤكدا على حل الدولة الواحدة وقد نشرت وجهة نظره هذه في « الرأي « في حينه وفوق ذلك لم يعول السيد الحوت على التعويضات للفلسطينيين ان طالبوا بها لأن اليهود المهاجرين من البلاد العربية سيطالبون بتعويضات عن املاكهم في شوارع وميادين عربية مهمة ومعروفة في القاهرة وبيروت وبغداد والدار البيضاء وغيرها وسيكون العرب ملحوقين.
واذا أمعنا النظر فيما يجري في اسرائيل الان وعلى مدى اكثر من ستين عاما نجد الدولة العبرية تسير نحو الدولة الواحدة (لكن على الطريقة الاسرائيلية) والتي يكون فيها العرب اقل من 13%، والمراقب للحياة العادية في اسرائيل يشاهد مدى عجز حكامها الان وفي المستقبل عن الوصول الى هذه النسبة الضئيلة للسكان العرب بل على العكس من ذلك تتوقع دراسات اسرائيلية ان يصبح عدد العرب في العام 2025 (5ر7) مليون نسمة واليهود (2ر4 (مليون..!
والمدقق في الحياة اليومية في « اسرائيل « يجد اللغة العربية لغة رسمية فيها الى جانب اللغتين العبرية والانجليزية.. نجد هذا واضحا اذا استمعنا الى الاذاعة الرسمية فمذيعها يعلن: هنا اورشليم/ القدس، ولم يقل هنا اورشليم فقط، كما أن الصحف تصدر باللغات الثلاث العربية والعبرية والانجليزية، كما أن اسماء الوزارات والدوائر الحكومية والعملة الاسرائيلية مكتوبة كلها باللغات الثلاث العربية والعبرية والانجليزية.
ما العمل اذن ؟! سؤال طرحه الكاتب الكبير ليو تولستوي قبل اجيال خلال حديثه عن الحرب والسلام.. والسؤال نطرحه الان على الجانب الفلسطيني والعربي الذي لم يعمل بجدية لحل الدولة الواحدة (على الطريقة العربية) ففلسطين كانت تسمى فلسطين وستبقى تسمى فلسطين..؟!

(الرأي 2014-11-01)