الوجه المشرق للسعودية
في المملكة العربية السعودية يتحدث الشباب عن تطلعات مختلفة لاتتوفر في مجالس الكبار، ولايفهمها جماعة الهيئات الدينية الذين يلاحقون النساء الراغبات في قيادة السيارات، أو اللاتي يتجولن في الأسواق العامة حيث تتشدد السلطات في تطبيق بعض الأحكام الشرعية ، بعضهم يفكر في عالم مختلف، ولذلك فملاعب كرة القدم مليئة بالمشجعين والذين يذهبون للتدرب على لعب الكرة وبقية الرياضات، وهناك المبتعثون الى الدول المتقدمة للدراسة، فالسعودية التي يعيشها أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكثير من المسؤولين في الدولة واعضاء في جمعيات خيرية دينية وإنسانية والتقليديون في المجتمع هي غير السعودية التي قد نراها خلال سنوات قادمة يكون الشباب المغيرون هم عمادها وقادتها وليس بالضرورة أن يكونوا بالضد من النظام الحاكم وربما يتماهون معه كثيرا، ويكونوا محدثين له فاعلين في إعادة صياغات غير مألوفة.
هناك متدينون وملحدون في السعودية وهناك معتدلون للغاية وصحفيون ناشطون مدنيون لايأبهون كثيرا بالمنع الحاصل من جهات متشددة تتحرك وفق النظام التقليدي السائد في المملكة، وتجد ان كثيرا منهم ربما يرفضون سياسات بعينها متبعة لمعالجة قضايا إقليمية في المنطقة كالعلاقة مع إيران والتدخل في سوريا وغيرها، ويرى بعض المراقبين والكتاب كما في مقالات إطلعت عليها أعقبت الإحتفالات بالعيد الوطني للمملكة العربية السعودية، إن تغييرا طرأ على الترتيبات التي أعدت للإحتفال باليوم الوطني، وإن التغيير كان حاسما لجهة التركيز على البعد الثقافي وماتمتلكه المملكة من مقومات وجود حضاري لايقوم بالضرورة على التراث الديني المألوف، وربما كانوا محقين عن التركيز كان على مقومات الوجود الديني بوصفه مرتكزا لبناء الدولة والظهور بها ومحاكاة العالم من خلالها، فليست المملكة هي مكة والمدينة، هاتان هما عاصمتان إسلاميتان يعتبر بهما المسلمون في أصقاع الأرض، لكن البحث في تراث المملكة وفي وجودها الحضاري العميق مهم جدا، فالشعراء والخطباء وكثير من أمراء وتجار وعلماء دين وباحثون في فلسفات عميقة هم جزء من تراث هذا الموضع المترام من العالم شبه جزيرة العرب أو نجد والحجاز، والأدب لوحده يكفي ليكون معلما رائعا من معالم تلك الحضارة في الجزيرة العربية عدا عن التضاريس ووجودات لأمم غابرة عاشت في الصحراء ومناطق الجبال وعلى ضفاف البحر الأحمر والخليج.
حققت المملكة إنجازات مهمة على مستوى البنيان المعرفي والثقافي والعمراني وتقدمت بشكل ممتاز وهي الآن دولة مهمة من دول المنطقة والإقليم والعالم وتستطيع أن تتباهى بعديد التطورات الحاصلة فيها على مدة السنوات الثلاثين الماضية التي بدأت معالم النهضة الإقتصادية خلالها وفي الخليج كله وليس في المملكة، وهي عناصر جيدة يمكن أن تكون مادة العيد الوطني للمملكة العربية السعودية من الآن وصاعدا دون إغفال عامل الوجود الديني العظيم وكون هذه الأرض مهبط الوحي ومرقد النبي العظيم ومساحة حركته الخالدة.