نعم السنة مهمشون

تم نشره الإثنين 10 تشرين الثّاني / نوفمبر 2014 11:37 مساءً
نعم السنة مهمشون
هادي جلو مرعي

في حسابات السياسة، وتداعيات الأحداث الجسام، وكنتيجة طبيعية للتحولات العظيمة في التاريخ، يمكن القول، إن السنة في العراق مهمشون بالفعل منذ العام 2003 وحتى اللحظة. فليس من العدل القول ، إن الشيعة كانوا حكام العراق الفعليين طوال العهدين الملكي والجمهوري على الأقل دون التوغل في عمق تاريخ تأسيس بغداد وسيطرة العباسيين لقرون عدة على مقاليد حكم الأمة الإسلامية ومعها العالم المعروف الذي فتحت جيوش العباسيين أجزاء كبيرة منه في فتوحات ماتزال آثارها قائمة، فالعهد الملكي الذي بدأ العام 1920 بني على أساس حكم الدولة المبتناة على ركيزتي الدين والسياسة، ودينيا كان السنة هم الحاكمين، وسياسيا كانت سلطة الملك متماهية مع الجميع لكنها تعترف بالزعامة السنية من أيام عبد الرحمن النقيب حتى سقوط الملكية العام 1958، ليجئ نظام حكم جمهوري لم يخرج عن سلطة السنة حتى العام 2003، وصعود الشيعة الذي يرى بعض المراقبين إنه صعود شكلي وليس حقيقيا. وهو ليس تنظيرا مؤكدا فالسنة تعودوا الحكم المطلق للدولة ومجرد صعود الشيعة بعد 2003 هو تهميش لمن تعّود السلطة ولن يستوعب التغيير والمشاركة فهو رضع السلطة وتمكن منها وتعودها، وكل مايمكن أن يمنح للسنة من مناصب وإمتيازات هي ليست حقيقية بنظرهم، فرئيس الوزراء من الشيعة ورئيس الجمهورية من الكورد ومعظم وزارات الدولة الفاعلة بيد الشيعة حتى لو كان وزيرها سنيا، وقرار السلم والحرب بيدهم.
تعّود السنة وتعودنا معهم على بكائية التهميش من قبل الشيعة طوال أحد عشر عاما من التغيير، ونحن في خضم معاناة التفكير والمحاسبة والسجال لنخرج بمقاربة موضوعية لنوع التهميش، ومايمكن أن يقدم للسنة لكي يغادروا دائرة الشعور بالتهميش، لكن حقيقة أخرى تكمن في رمال الصحراء يحاول الساسة السنة وزعماء العشائر والفاعلين تغييبها، وهي إن السنة كانوا ضحية لوزرائهم وسياسييهم ونوابهم الفاسدين والإنتهازيين، الذين لايفكرون بمواطني الأنبار وصلاح الدين والموصل وفق معطيات الواقع الراهن، بل بمقتضى المصالح الضيقة، بينما يتيحون لأنفسهم النواح الكاذب وذرف دموع التماسيح عند الحضور في مواجهة كاميرا التلفزيون لاأكثر، أو أثناء المساجلات الكمالية، حين يتحول الشيعة بنظر النائب السابق طه اللهيبي الى هنود، ويتحول السنة الى بائعي نساء في سوق النخاسين، أو مبايعين لخليفة مفترض ومجاهدين وهميين بنظر نائب يساجله على شاشة تلفزيون، وتظهر السجالات السياسية بين نواب ووزراء وقادة سنة حجم الفساد الذي مورس من قبل بعض القيادات السنية في موضوع النازحين والأموال التي صرفت لهم والمساعدات التي أرسلت للمناطق المحاصرة من داعش، حيث تسرق الأموال والمساعدات ويذهب السياسيون الى عمان وعواصم أخرى، بينما يترك السنة لينفرد بهم ذئب داعش ويفترس ضعافهم كما في حال (الضلوعية والعلم وهيت وحديثة ومناطق من الأنبار) أستبيحت من ادعياء حماية السنة بمساعدة بعض العشائر ليتم قتل المئات من مختلف المكونات العشائرية التي بدأت بإلقاء اللوم في جرائم القتل ليس على داعش لوحده، على عشائر تشترك معها في الجغرافيا والدين والقومية والتاريخ.
على السنة أن يحاسبوا سياسييهم الفاسدين الذين أوصلوهم الى هذه الحال المحزنة والذين سرقوا الأموال، أو الذين تنازلوا عن حقوقهم مقابل بعض الدولارات،والذين يسرقون مساعدات الحكومة لهم، وكذلك شيوخ العشائر الذين تقاتلوا على الأموال التي قدمت لهم ليحاربوا بعض. ليس سيئا كثيرا أن يهمشك من كان ينتظر الفرصة لينقض عليك بعد قرون من التهميش لكن المفجع أن يهمشك ويقتلك ويذبحك من يدعي إنه يمثلك ويحميك !

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات