نظرة على قانون الاحداث المعدل
المدينة نيوز - يعتبر قانون الأحداث المعدل رقم (32) لسنة 2014 الذي دخل حيز التنفيذ في الثاني من الشهر الجاري، من وجهة نظر الكثير من منظمات المجتمع المدني المحلي والدولي ومؤسسات حقوق الانسان خطوة متقدمة على طريق توفير بيئة اصلاحية وقانونية عادلة للاحداث الذين يرتكبون جنح او جرائم.
ويقوم القانون على النهج التشاركي والحديث في التعامل مع قضايا الاحداث وفقا لمتطلبات نهج العدالة الاصلاحية وبما يواكب التحولات الاجتماعية والاقتصادية وانعكاساتها على الاحداث في الاردن.
وحسب وزيرة التنمية الاجتماعية ريم ابو حسان فان تطبيق العدالة الاصلاحية اولى من العدالة الجزائية، ففي هذا تأهيل للحدث واعادة دمجه في مجتمعه بصورة تكفل نموه وتطوره بشكل سليم ليكون المواطن الصالح الفاعل في المجتمع، وهذه مسؤولية جماعية عى كل فئات المجتمع الاسهام بها.
وفي هذا الاطار ابو حسان في تصريح خاص لوكالة الابتاء الاردنية "بترا"ان اقرار القانون جاء ضمن سلسلة من الاصلاحات التي امر جلالة الملك عبد الله الثاني بانجازها.
واشارت الى ان العدالة الاصلاحية الموجودة في قانون الاحداث تم اختبارها من خلال مشاريع ريادية قامت بها الوزارة بالتعاون مع مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني وجهات اكاديمية.واضافت ،ان التعديلات التي ادخلت على قانون الاحداث كانت جوهرية تترجم النهج الإصلاحي الذي نرنو إليه جميعا.
وقالت ان القانون تضمن تعديلات من بينها الحرص على ارتباط الأحداث بمدارسهم من غير انقطاع، إذ تبين أن 64 بالمائة من الأحداث مرتكبي الجنح والمخالفات (وخاصة لأول مرة) هم من طلبة المدارس، وبالتالي فإن أي انقطاع لهم عن مقاعد يسهم في تعزيز مسار جنوحهم وانحرافهم، سيما أن الجهل بالقانون يعتبر من أبرز اسباب الجنوح وارتكاب المخالفات بحسب ما ذكر الأطفال أنفسهم.
وأضافت ان المؤسسات ليست الحل المناسب لتأهيل الأحداث حيث اظهرت دراسة حديثة عن الوضع النفسي السيئ للأطفال في مراكز التأهيل والرعاية في الأردن أن اكثر من 23بالمائة من الأحداث فكروا بالانتحار وان حوالي 87بالمائة منهم يعانون من الاكتئاب الشديد وان 64بالمائة منهم تعرضوا لصدمات نفسية عنيفة،لافتة الى ان هذا من شأنه ان يؤكد اهمية برامج التحويل والعدالة الاصلاحية لضمان تأهيل الحدث وإعادة دمجه في مجتمعه بصورة تكفل نموه وتطوره السليمين ليصبح مواطناً فاعلاً في مجتمعه بدلاً من أن يصبح مجرماً وعبئاً على المجتمع.
وشددت الوزيرة على اهمية التعديلات التي حرص قانون الأحداث على معالجتها حيث تضمن القانون العديد من المبادئ القانونية التي تحقق المحاكمة العادلة للاحداث ومنها رفع سن المسؤولية الجزائية للحدث من سبع سنوات إلى اثنتي عشرة سنة واستحدث إدارة شرطية متخصصة ومؤهلة للتعامل مع الخصائص الاجتماعية والنفسية للحدث، ومنح هذه الإدارة مجموعة من الصلاحيات الاستثنائية الضرورية للحد من جنوح الأحداث ومعالجة قضاياهم ببعديها الأمني والوقائي واعادة تاهيلهم ،ومن التعديلات المهمة كذلك استحداث نظام قاضي تنفيذ الحكم ،بحيث يشرف على تنفيذ الحكم القضائي القطعي الصادر بحق الحدث تطبيقاً لمبدأ الإشراف على تنفيذ التدابير المحكوم بها وتوسيع حالات الأحداث المحتاجين للرعاية والحماية بشمول الأحداث العاملين والأحداث الجانحين دون سن المسؤولية الجزائية كونهم محتاجين للرعاية والحماية .
ومن بين التعديلات ايضا تخصيص نيابة عامة للأحداث، مؤهلة للتعامل مع قضاياهم بما ينسجم مع العدالة الاصلاحية للأحداث وتخصيص هيئات قضائية مؤهلة ومدربة للتعامل مع الأحداث من منظور اجتماعي ونفسي واصلاحي شامل، ومراعاة مصلحة الطفل الفضلى بما في ذلك نظام قاضي تسوية النزاع وقاضي تنفيذ الحكم فضلا عن استحداث نظام تسوية قضايا الاحداث لدى الجهات الأمنية والقضائية المختلفة بالشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني وذلك في المخالفات والجنح الصلحية البسيطة لغايات تلافي الدخول في الاجراءات القضائية.
وبمطالعة نصوص القانون نجد ان المشرع توسع في التوجه نحو تطبيق العدالة الاصلاحية للاحداث بدلا من العدالة الجزائية العقابية من اجل تحقيق المصلحة الفضلى للحدث سواء كان ضحية او معتد فهو محتاج للحماية والرعاية حيث جاء في نص المادة 4/أ تراعي مصلحة الحدث الفضلى وحمايته وإصلاحه وتأهيله ورعايته عند تطبيق أحكام القانون ،كما اعاد التاكيد على ذلك من خلال المادة "18 " حيث نصت على ان "تراعي المحكمة مصلحة الحدث الفضلى بناء على تقرير مراقب السلوك والبينات المقدمة في القضية بما في ذلك احترام حقوق الحدث وسبل اصلاحه وادماجه في المجتمع .
واجتهد المشرع كذلك في توفير اليبئة المناسبة والرعاية المطلوبة لمحاكمة اي حدث فقد جاء في نص المادة 15/أ ومن القانون انه لا يحاكم الحدث الا امام محاكم الاحداث المختصة في حين نصت المادة 19 على انه يجوز للمحكمة التي تنظر بقضايا الاحداث ان تعقد اجتماعاتها ايام العطل الاسبوعية والفترات المسائية اذا اقتضت مصلحة الحدث ذلك كما هو الحال في معظم مواد القانون كما جاء في نص المادة 20/أ /ب من القانون ان المحكمة تباشر النظر في اية قضية يرتكبها حدث وانه لا يجوز تأجيل جلسات المحكمة لأكثر من سبعة ايام الا اذا اقتضت الضرورة غير ذلك على ان يبين ذلك في محضر المحاكمة وانه يجب ان تفصل المحكمة في قضيا الجنح خلال ثلاثة اشهر من تاريخ ورودها الى قلم المحكمة وفي قضايا الجنايات خلال ستة اشهركما الزمت المادة 21 من ذات القانون المحكمة بتعين محام للحدث في القضايا الجنائية على ان تدفع اتعابه من خزينة الدولة .
ووفر القانون الرعاية الكاملة للحدث خلال محاكمته حيث نص القانون صراحة في المادة22/أعلى منع محاكمة الحدث الا بوجود احد والديه اووليه او وصيه او حاضنه وبحضورمراقب السلوك و محامي الحدث في حين نصت المادة 25/أ "انه اذا اقترف الفتى جناية تستلزم عقوبة الاعدام فيحكم عليه بوضعه في دار تأهيل الاحداث مدة لا تقل عن ثماني سنوات ولا تزيد عن اثنتي عشرة سنة واذا اقترف المراهق جناية تستلزم عقوبة الاعدام فيحكم عليه بوضعه في دار تأهيل الاحداث مدة لا تقل عن ست سنوات ولا تزيد على عشر سنوات.
وتضمن القانون محاورعدة حول تطوير اساليب معالجة الاحداث وقواعد اصلاحية ،مثل ضمان تخفيف العبء عن المحاكم ودور تربية الاحداث ،من خلال استحداث لجان تسوية النزاع، واستحداث بدائل للعقوبات، كالتدابير غير السالبة للحرية ،ومنها الزام الحدث بالخدمة للمنفعة العامة والتدريب المهني ،اضافة الى توافر قواعد خاصة لتوقيف الحدث تراعي مصلحته الفضلى فيها انسجام مع المعايير الدولية.
وبالقراءة المتأنية لنصوص القانون نلاحظ انها جاءت بهدفين رئيسين ،الاول: حماية الاحداث مما يقعون فيه من الاخطاء، والثاني: تقويمهم عن طريق الاصلاح والتوجيه بما يعيدهم الى جادة الصواب".حيث اجازت المادة 24 للمحكمة اتخاذ تدابير غير سالبة للحرية مثل اللوم والتأنيب والتسليم الى احد الابوين او من له الوصاية او الالزام بالخدمة العامة او الالحاق بالتدريب المهني او ببرامج تأهيلية تنظمها الوزارة أو أي من مؤسسات المجتمع المدني او من خلال الاشراف القضائي وكلها اجراءات تسعى الى التقويم والاصلاح واعادة الحدث الة المجتمع كشخص سوي نافع يساهم في البناء ويفيد نفسه والمجتمع .
وتوسع القانون في منح صلاحيات لمراقب السلوك من خلال تقديم تقارير خاصة بالحدث في كافة مراحل الحالة بما فيها المراحل الشرطية والقضائية مع مراعاة الجوانب النفسية والاجتماعية والكفاءة في إعداد التقارير.
ومن بين التعديلات -أيضا- تخصيص نيابة عامة للأحداث، مؤهلة للتعامل مع قضاياهم بما ينسجم مع العدالة الإصلاحية للأحداث وتخصيص هيئات قضائية مؤهلة ومدربة للتعامل معهم من منظور اجتماعي ونفسي وإصلاحي شامل، ومراعاة مصلحة الطفل الفضلى بما في ذلك نظام قاضي تسوية النزاع وقاضي تنفيذ الحكم، فضلا عن استحداث نظام تسوية قضايا الأحداث لدى الجهات الأمنية والقضائية المختلفة بالشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني، وذلك في المخالفات والجنح الصلحية البسيطة لغايات تلافي الدخول في الإجراءات القضائية.
وخففت التعديلات التي ادخلت على القانون العبء عن الأجهزة القضائية ودور تربية وتأهيل الأحداث، من خلال التحويل إلى نظام تسوية النزاع إضافة إلى ضمان تقديم المساعدة القانونية للحدث في الدعاوى الجزائية، ووضع قواعد خاصة للتوقيف تراعي مصلحة الطفل الفضلى وبما ينسجم مع المعاييرالدولية.
القانون بمجمله يعتبر من القوانين الاصلاحية المتقدمة في مجال توفير المحاكمة العادلة والرعاية اللائقة للحدث الذي يرتكب جنحة او جريمة ، والتي قد يكون وقت ارتكابها يعاني من ظروف انسانية او اجتماعية صعبة دفعته لارتكاب تلك الجريمة .