الإعلام الأردني الحاضر الغائب
للإعلام الأردني حضور طاغٍ وملفت في تغطية الأحداث في العاصة عمان وغيبة طويلة عن تغطية المحافظات الأردنية نسأل الله أن يعجّل في فرجه فالإعلام مفتاح التنمية وحلقة الوصل بين صانع القرار والمسؤول لا سيما المدن والقرى البعيدة عن العاصمة ومركز صنع القرار.
يبدو ذلك واضحا من خلال التغطية الشاملة والوافية خلال الظروف الجوية والاستثنائية التي عاشتها عمان ، حيث كان بإمكان المتابع لوسائل الإعلام التعرف على كل ما يجري أولا بأول في كل منطقة وحي وربما شارع من شوارع العاصمة ، لا بل أن وسائل الإعلام وجدناها متأهبة في مصاعد المولات العمانية.
أمين عمان الكبرى الذي ألهب وأشعل الإعلام الرسمي ومواقع التواصل الاجتماعي وجد نفسه في موقف لا يحسد عليه ، ولو أنه كان يدير مؤسسة في شمال الوطن أو جنوبه لما تعرض لعُشر الانتقادات اللاذعة التي وُجهت إليه بحكم غياب وسائل الإعلام وضعفها وهشاشتها في المحافظات الأردنية ، كما أنه غير مسؤول عن مدينة قوامها الأسمنت والإسفلت وشبكة خدمات وبنية تحتية عمرها تجاوز ثلاثة عقود من الزمن ، وهنا حبذا لو كان الهجوم الإعلامي على كافة أمناء عمان السابقين بدلا من صب وسائل الإعلام جام غضبها على رجل يشار إليه بالبنان على أنه من أدرك قطاع السياحة الأردنية قبل غرقها وصعد بها من القاع إلى القمة لتتنفس الصعداء في عهده .
كان هنالك إصرار من قبل عدة وسائل إعلام على تغطية الظروف الجوية الاستثنائية بأرفاق صورة أمين عمان ساحجا في إحدى المناسبات الوطنية وهذا لا يعيبه بل يرفع من مكانته وطنيا ولكن الخطيئة التي تحيط بوسائل الإعلام أنها لا تسحج إلا في العاصمة ولها .
المقارنة ضرورية جدا للتعرف على تغطية الأحداث في محافظات إقليمي الشمال والجنوب اللتان عاشتا عواصف وظروف جوية وأرضيه استثنائية مماثله، وغاب عنها الأعلام الأردني ، وهنا لابد من أمثلة على هذه الظروف العواصف الجوية التي ضربت محافظات جنوب المملكة وانقطعت عن العالم لمدة وصلت لعشرة أيام نتيجة انقطاع التيار الكهربائي ، لا بل أن المسؤول لم يكن بمقدوره التعرف على ما يجري في هذه المحافظات إلا بعد أيام من الحدث ، ناهيك عن اعتماده على الروايات الرسمية التي تتضارب في كثير من الأحيان مع روايات المواطنين .
الإعلام الأردني وصل إلى مرحلة من الرخاء في العاصمة لدرجة جعلته يبحث عن السبق الصحفي والإعلامي ، وهنا وجد ضالته في تغطية المناسبات الاجتماعية ، كأفراح الخطوبة والزواج ، بالتزامن مع تجاهل أحداث كبيرة عاشتها المحافظات ، ومثال ذلك أبرزت وسائل الإعلام في عمان المناسبات الاجتماعية وعرضت عشرات الصور لحفل الخطوبة الواحد ومراسم الجاهات، في حين تمت تغطية مشاجرة امتدت لتطال جميع محافظات الجنوب بصورة وحيدة ويتيمه تكررت في كافة وسائل الإعلام .
مشهد يومي يتكرر وهو الشيخ الفلاني طلب والشيخ الفلاني أعطى والوزير الفلاني طلب والوزير الفلاني أعطى ورئيس الوزراء السابق طلب ورئيس الوزراء السابق أعطى ، ومازالت المحافظات الأردنية مختزلة في زاوية هامشية في صفحات الإعلام الأردني وكانه ينظر لأطراف الوطن من طرف خفي .
أمام هذا الواقع المؤلم اعتمد المقيمون خارج العاصمة على مواقع التواصل الاجتماعي واستغنوا عن وسائل إعلام خجولة ربما نافستها وسائل إعلام أجنبيه في عدد زيارتها لمحافظات الجنوب والشمال، وهنا تكمن خطورة غياب وسائل الإعلام الرسمي والإلكتروني عن المحافظات وغزو مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت المرئي والمسموع والمقرؤ، وهنا تبرز خطورة غربة المواطن عن وطنه إعلاميا ، ونشعر أننا أمام خطر داهم يعرض قيمنا وانتماءنا وأخلاقنا لمستقبل يصعب التنبؤ بسوء عواقبه.
بارقة أمل تلوح في الأفق وهي ما أعلنه وزير الدولة لشؤون الإعلام والناطق الرسمي بأسم الحكومة عن تبني استراتيجيه للإعلام الرسمي علَ وعسى أن تعيد لهذا القطاع الحساس والحيوي ألقه ومجده وأن تحافظ على النسيج الاجتماعي والاستقرار الأمني لوطننا الذي نحب وإلا سيبقى الإعلام الأردني إعلام نسايب في العاصمة عمان ويدير ظهره للأهل والأقارب في المدن والأرياف الأمر الذي سيكون له عواقب وخيمه لا قدر الله.