"الأحمر والميت".. لماذا تأخر اللقاء؟

تم نشره الأربعاء 12 تشرين الثّاني / نوفمبر 2014 02:12 صباحاً
"الأحمر والميت".. لماذا تأخر اللقاء؟
د. صبري الربيحات

في اللاوعي الأردني خوف دفين من شح المياه، يتبدى لنا مع كل موجة حر، وانحباس مطري، وموجة لجوء جديدة. فالأردن من الدول الخمس الأكثر فقرا في المياه على مستوى العالم، وربما هو أكثرها جميعا في تنامي الحاجة لها والطلب عليها.
الاعتماد شبه كلي على مياه الأمطار للري والزراعة والصناعة وتغذية المصادر الجوفية الشحيحة. ومعدلات الهطول في تراجع عاما بعد عام، فيما السكان يتزايدون بمعدلات لا يشهدها بلد في العالم.
في المتوسط، يبلغ مجموع الهطول المطري على البلاد تسعة مليارات متر مكعب سنويا، تستطيع سدودنا استيعاب ما يقارب 325 مليون متر مكعب منها، ويتبخر الباقي أو يتجه لتغذية المخزون الجوفي. وفي السنوات الأخيرة، لم تجمع سدودنا أكثر من 70 % من طاقتها الاستيعابية، ولم ينعم الأردنيون؛ زرّاعا ومستهلكين، بنصف حاجتهم منها.
في كل عام، يتراجع نصيب الفرد الأردني من المياه، ليصل إلى أقل من نصيب أي مواطن عربي، وأقل من ربع ما يتحصل عليه المواطنون في البلدان المجاورة. مع ذلك، يفتح الأردن حدوده لاستقدام مئات الآلاف من المهاجرين سنويا، من دون التفكير في كيفية تلبية احتياجاتهم المائية بمعزل عن الاقتطاع من نصيب الأردنيين منها.
منذ أعوام والحكومات تعد المواطنين بأنها ستجر مياه الديسي لتضع حدا لأزمات التزويد الخانقة التي شكا منها الناس لسنوات. واستمر الوعد وانتظر الناس حتى العام الماضي ليستقبلوا المياه المسحوبة، علّها تحل جزءا من المشكلة التي عانوا منها لسنوات. لكن ذلك لم يحصل كما تمنى الناس؛ فقد زاد سكان الأردن في المرحلة الواقعة بين الوعد والتنفيذ أكثر من مليون نسمة، بسبب هجرة الإخوة السوريين، مما زاد الطلب على المياه.
في تصريح لوزير المياه قبل أسابيع، جاء أن مشكلة المياه في الاردن ستبقى قائمة، بسبب أننا نوزع الكمية التي تكفي لثلاثة ملايين على عشرة ملايين نسمة. وفي مثل هذه الأوضاع، ومع توالي تدني مستويات هطول الأمطار ونضوب الكثير من المصادر الجوفية، فإننا أمامنا مشكلة مخيفة قد تداهمنا في أي وقت.
إن استمرار اعتمادنا على الدعوات والحلول القدرية، واتخاذ قرارات لا تصب في اتجاه الحفاظ على المياه وتطوير مصادرها، أو تجنب اتخاذ قرارات لحل هذه المشكلة، هي أمور مقلقة ومخيفة، خصوصا أننا نقول في كل لقاء إن المياه والطاقة هما أهم مستلزمات التنمية والاستثمار، ولا غنى عنهما، إلى جانب الإنسان والمال.
في دوائر البحث والاهتمام، يجري الحديث عن خطورة تأثير مخيم الزعتري على حوض المياه الواقع تحت مساحته. وإذا كان مثل هذا الحديث دقيقا، فإن أسلوب إدارتنا لمصادر مياهنا وحمايتها، يثير الكثير من التساؤلات.
منذ أكثر من عقدين ونحن نتحدث عن مشروع ربط البحر الميت بالبحر الأحمر؛ للتحلية والزراعة وتغذية البحر الميت الذي يفقد مترا من جسمه كل عام. وفي كل عام يجري الحديث عن الدراسات والمخططات، ولا نرى شيئا.
أظن أن علينا التحرك؛ فنخرج الدراسات من الأدراج، ونباشر العمل. فالناس يحتاجون إلى أمل مع الوعد، وإلى تبديد بعض مصادر الخوف التي تتزايد يوما بعد يوم.
المياه عنوان الاستقرار والحياة، وينبغي توفرها مهما كان ثمنها. والأردنيون بحاجة إلى مشروع ضخم، وهم مستعدون للمساهمة فيه، كما المصريون الذين قرروا حفر قناة أخرى في السويس، ليصلوا البحر الابيض المتوسط بالبحر الأحمر مرتين.
نتمنى أن نرى "الأحمر" يتسلل إلى البحر الذي مات ويكاد أن يموت مرة أخرى؛ علّه تُبعث فيه الحياة؛ فالأحمر يرتبط بالحياة وشرايينها.

الغد 2014-11-12



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات