كوّة في جدار الإحباط

تم نشره الأربعاء 12 تشرين الثّاني / نوفمبر 2014 02:22 صباحاً
كوّة في جدار الإحباط
محمد ابو رمان

قد تكون "المزايا الخدماتية" التي أقرّتها الحكومة لأبناء الأردنيات المتزوجات من غير أردنيين، ممنوحة، في واقع الأمر، لأعداد كبيرة من غير الأردنيين، بخاصة من اللاجئين العرب، أو حتى الأجانب. إذ نجد، مثلاً، الحق في التعليم والتأمين الصحي الحكومي متاحين لجنسيات عديدة، وكذلك مزايا التملك والرخصة الخصوصية؛ وحتى فرص العمل التي لن نجد فرقاً يذكر بشأنها، إذ إنّ سوق العمل مفتوحة على مصراعيها لكل الجاليات، ولا يوجد ضبط حقيقي لها.
بالرغم من ذلك، فإنّ هذه الخطوة مهمة في أنّها تقنن هذه "المزايا" (في جوهرها حقوق مدنية واقتصادية)، وتردّ شيئاً من الاعتبار الرمزي للأردنيات بوصفهن مواطنات لهن حقوق دستورية مثل الذكور، كما تخفف من الضغوط التي يعاني منها أبناؤهن في الحياة اليومية.
هو، بالفعل، إنجاز مهم يسجّل لحكومة د. عبدالله النسور، كما يسجّل بالدرجة نفسها للمبادرة النيابية التي تبنّت هذه المطالب، وقاتلت من أجل إقرارها، بالرغم من وجود "لوبي" نيابي وتيار محافظ كانا يصوّران هذا الأمر بوصفه تخليّاً عن "الهوية الوطنية"، وحارباه بكل طاقاتهما، حتى ضغطا على الحكومة للتراجع عن كلمة "حقوق" واستبدالها بـ"مزايا" للأسف الشديد.
الثمرة الحقيقية تكمن في التطبيق وتعاون مؤسسات الدولة ووزاراتها المختلفة لتسهيل تكريس هذه المزايا وترجمتها على أرض الواقع؛ بألاّ تتم عرقلتها وفرملتها وإفراغها من مضمونها في التنفيذ. فالمطلوب أن يلمس أبناء الأردنيات فرقاً كبيراً حقيقياً على الأرض، في تعامل مؤسسات الدولة معهم، وفي تسهيل إجراء معاملاتهم؛ وأن يلمسوا تغيراً نوعياً بعد أن تأخذ هذه الحقوق مدياتها القانونية والإدارية والتنفيذية. فهذا هو الاختراق المطلوب الذي يمكن أن نحدثه، فنخفف من الضغوط الاقتصادية والسياسية على هذه الشريحة من المواطنات وأبنائهن.
التركيز، هنا، على التطبيق، لأنّ المعاناة الحقيقية لدى هذه الشريحة، وحتى شريحة الأردنيين ذوي البطاقات الخضراء الذين يتمتعون بحق الإقامة، كانت في أحيان كثيرة في المعاملة البيروقراطية، والإرهاق في تجديد الوثائق التي تثبّت هذه الحقوق لهم، فضلاً عن المزاجية التي تطغى في أحيانٍ كثيرة على تعامل الموظفين وقراراتهم تجاه هذه الشريحة الواسعة.
من المؤمّل، أيضاً، أن نقرأ منح هذه "الحقوق" في سياق إدراك الدولة بأنّ "الجبهة الداخلية أولا" وقبل كل شيء؛ وأنّ حمايتها لا تكون إلاّ عبر الإصلاح المتكامل، وتخفيف الضغوط بأشكالها المختلفة عن المواطنين والمواطنات، والتخلص من أيّ مشاعر بالتهميش أو الإقصاء أو غياب العدالة. فمثل هذه الخطوة (بانتظار تطبيقها) لها مردود إيجابي جيّد وعميق على نسبة كبيرة من الأردنيين، سواء على الصعيد المعنوي، وهو مهم، أو حتى الصعيد اليومي الواقعي.
من المشروع أن نتفاءل بأن تكون هذه الخطوة مقرونة بولادة قناعة جديدة لدى الدولة بأهمية استئناف عملية الإصلاح ودفعها خطوات نوعية للأمام، بعد أن هيمنت نظرة التيار المحافظ خلال الفترة الماضية على المنظور السياسي؛ سواء ما يتعلق بقانون الانتخاب أو الحريات العامة، نتيجة الظروف الإقليمية التي قلبت هي نفسها الطاولة على دعاية هذا التيار، عبر تأكيدها بأنّ جوهر حصانة أي دولة ومجتمع من الانهيار يكمن في صلابة الجبهة الداخلية وتماسكها وتوافقاتها.
على العموم، من الضروري طالما أن قانون الانتخاب قد أصبح جاهزاً، وطُبخ -كما يتسرب- بلمسات إصلاحية تتجاوز مبدأ "الصوت الواحد" (سيئ الذكر)، ألا يتم تأخيره أو ترحيله، بأي ذريعةٍ كانت؛ وأن يدرك السادة النواب أنّ إقرار هذا القانون والتحضير للانتخابات النيابية المقبلة في موعدها، هما بمثابة خطوة مهمة وأساسية لمواجهة الأزمات الداخلية الأخيرة.

الغد 2014-11-12



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات