واشنطن والاستيطان في القدس

بحسب التصريحات التي نقلتها الفضائيات ووكالات الأنباء، فإن الإدارة الأميركية، انتقدت حليفتها الاستراتيجية اسرائيل على مواصلتها الاستيطان في القدس. واعتبرت، على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية جنيفر بساكي، أن موافقة اسرائيل الاربعاء الماضي على خطط لبناء 200 وحدة سكنية استيطانية جديدة في القدس الشرقية تقوّض جهود السلام، وتفاقم التوترات مع الفلسطينيين.
وتكتفي الإدارة الأميركية بالإدانة في كل مرة تقرّ فيها الحكومة الإسرائيلية مخططات استيطانية جديدة في القدس، أو في الضفة الغربية. فالإدارة الأميركية التي يعرف القاصي والداني، أنها الدولة الوحيدة القادرة على الضغط على اسرائيل، وإلزامها بقرارات وخطوات معينة، تكتفي بموقف يدين الاستيطان، ولا يحرك في المقابل أي ساكن.
فالإدانات الأميركية المستمرة للاستيطان الإسرائيلي، لم توقف الاستيطان، بل إن وتيرته تزايدت في الآونة الأخيرة. والمراقب للشؤون الفلسطينية، لا يحتاج إلى الكثير من التمحيص والتدقيق، ليعرف أن الإدانة الأميركية لقرارات الاستيطان الإسرائيلية لم تغيّر السياسة الإسرائيلية على هذا الصعيد. ما يعني، حقيقة، أن الإدانة الأميركية، والرفض الأميركي للاستيطان، لن يؤثرا شيئا على أرض الواقع، ما دام الحليف الأميركي يكتفي بهذه الخطوات غير الفعالة والخجولة ردا على ما يرفضه من استيطان. فلو كان فعلا، يرغب، أو يسعى إلى وقف الاستيطان، فهو يمتلك الأدوات لذلك، وهي كثيرة، وبإمكانه استخدام بعضها لتحقيق هذا الهدف. لكن النية، كما أثبتت الوقائع منذ سنوات طويلة، غائبة عن الإدارة الأميركية للضغط على اسرائيل التي تعي ذلك تماما، وتواصل خطواتها الاستيطانية على الأرض، بفعالية أكبر من السابق.
ولأن الحقيقة هي ما تظهره الأحداث والوقائع على الأرض، فإنني أخشى أن يكون هدف لقاء وزير الخارجية الأميركي جون كيري برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، والذي جرى أول من امس، هو الضغط على أبو مازن حتى تعود "السلطة" للمفاوضات مع اسرائيل من دون أن تحقق أيا من شروطها وعلى رأسها وقف الاستيطان. لذلك، فمن المتوقع أن تواصل اسرائيل سياستها الاستيطانية، وأن تواصل أيضا انتهاكاتها واعتداءاتها على المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة.
من الأفضل عدم المراهنة على الموقف الأميركي لتغيير الحقائق على الأرض، فالمثمر على هذا الصعيد، الاعتماد على الذات، واتخاذ كل الإجراءات القادرة على إجبار اسرائيل على وقف انتهاكاتها واستيطانها. اسرائيل لا تستمع ولا تتوقف كثيرا أمام المواقف اللفظية، فهي لا تهتم بأي إدانة أو استنكار، بل تفهم لغة المواقف الفعلية التي تنفّذ فعلا وليس قولا.
(الغد 2014-11-15)