ذاكرة الشعوب الحيَّة تهتف لعرفات

مساء الخميس الماضي رغم الحراك السياسي والدبلوماسي النشط الذي شهدته العاصمة عمان إلا أن قصر الثقافة كان على موعد مع الجماهير الغفيرة، التي جاءت تلبي دعوة مؤسسة الراحل ياسر عرفات لإحياء الذكرى العاشرة لرحيل الرئيس الشهيد .
كثيرون لم يجدوا مقاعد تنتظرهم وكثيرون وقفوا في الممرات وعند مداخل قصر الثقافة، للبقاء في لحظات تُغنِّي فيها عمان -على مرأى القدس- للشهيد وفلسطين والعودة والانتفاضة الثالثة وللمخيم والبندقية المقاتلة.
أبدع ممدوح العبادي وفيصل الفايز وعبد الكريم الدغمي بما يمثلون من خلال ذواتهم وبعدهم العشائري والوطني والراعي الدكتور عبد السلام المجالي في التعبير عن التلاحم الوطني الأردني والفلسطيني.
عمان بوابة القدس والانتفاضة ،كانت حاضرة أمس بكل ألوانها تُغنِّي للشهيد على أنغام فرقة العاشقين، ونجح «الدغمي» بإلهاب مشاعر الحضور بقوله: إن عرفات «صنع من الخيمة قنبلة، ومن الهجرة صاروخا، ومن التشرد سلاحا» دعما لقضية فلسطين وتعريفا بها.
وبذات الروح قال «العبادي» وسط هتاف الجماهير:»عرفات كان مقاتلا بالرصاص والسلاح وبقي ( ثائرا ) في عملية السلام فلم يهادن في حق ولم يستسلم لضغط ولم يهن أو يتداعى عندما تُرك على جبهة فلسطين وحيدا». ولم تغب عن بال «الفايز» أن يوجِّه كلمته لهذا الحشد، قائلا: « سنبقى نعمل جميعا أردنيين وفلسطينيين من اجل اقامة الدولة الفلسطينية ، وليقوم حينها شبل من اشبال فلسطين ،وزهرة من زهراتها، برفع العلم الفلسطيني على أسوار القدس ومآذنها وكنائسها.
نعم أمس كانت ذاكرة الشعب حيَّة ووهاجة وغنت وهتفت بلا تردد و لا انقطاع ومن أجيال مختلفة شباب وبنات وأطفال بعمر الورود، جمعهتم صرخة القضية التي تتعرض لأقصى الظروف في تاريخها، لكن إرادة الحياة لم تمنع أهل القدس من ابتداع وسائل جديدة للشهادة من أجل القدس ومكانتها الحاضرة في الوجدان العربي والاسلامي .
الذين راهنوا على ضعف الحضور فشل رهانهم ونجحت إدارة المؤسسة بحشد الجماهير ولبت الحشود الدعوة لتعبر عن حبها للرئيس الشهيد ولتقول كلمتها في يوم من أيام فلسطين والأمة توحدت فيه البندقية والصرخة المناضلة والكوفية على عتبات القدس وغزة ورام الله من روابي عمان .
طوبى للشهداء، الذين يسجلون وجودهم في ذاكرة الأمة ،وطوبى لهذه الأمة الولاَّدة والتي تبقى عصية على الذوبان.
ورغم الطوفان الذي داهم الجميع ودمَّر حواضرها، فإنها ستبقى تهتف دوما لفلسطين والعروبة والدم المقاوم ..!
(الدستور 2014-11-15)