محاضرة.. فندوة.. فكتاب !

تم نشره الثلاثاء 25 تشرين الثّاني / نوفمبر 2014 02:22 صباحاً
محاضرة.. فندوة.. فكتاب !
د. زيد حمزة

الثورات العربية كانت قاسماً مشتركا في مناسبتين حظيتُ بحضورهما في الايام القليلة الماضية، الأولى هي المحاضرة التي القاها رئيس الوزراء الفلسطيني السابق الدكتور سلام فياض في المدارس العصرية وادارها الدكتور اسعد عبد الرحمن بعنوان (الربيع العربي الى أين ؟)
فأدهشني بسعة اطلاعه وعمق تحليلاته وغزارة معلوماته التاريخية التي استخدمها في الحديث عن تلك الثورات ولم يطلق عليها صفة (الربيع) وقال انها مستمرة صعوداً وهبوطاً لكنها في النهاية لا بد بالغةٌ أهدافها ككل الثورات الكبرى في التاريخ ومنها الاميركية والفرنسية والروسية والصينية التي عانت الشعوب فيها كثيراً قبل ان تصل الى الاستقرار الذي تنعم به الآن مقارنةً بالسبات الأقرب للغيبوبة الذي ظلت تغط فيه شعوبنا زمناً طويلاً قبل ان تتحرك مؤخراً !
وفي تعقيبي القصير قلت انني اتفق مع المحاضر في أغلب ما ذهب اليه بالاضافة الى قناعتي بألا حاجة بنا للتسميات الدخيلة كالربيع وسواها من المفردات التي تتيح لبعض الساسة ان يستعملوها للهزء والسخرية من هذه الثورات بسبب الانتكاسات التي ألمت بها وهم الذين بحكم مواقعهم ومصالحهم وعلاقاتهم السابقة لم يتمنوا لها يوماً الا الفشل ! لكني وددت لو لم يغفل ثورات شعوب اميركا اللاتينية التي استمرت طوال القرن المنصرم تواجه ببسالة وصبر النتائج المأساوية للمؤامرات الاجنبية التي كانت تحاك ضدها والانقلابات العسكرية العميلة التي كانت تقمعها ! وقد وافقني المحاضر الكريم على ذلك.
والمناسبة الثانية هي الندوة التي عقدت في مؤسسة عبد الحميد شومان للحوار حول الفلسفة وانحدارها في العالم العربي بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة كما أقرته منظمة اليونيسكو في الخميس الثالث من تشرين الثاني من كل عام وأدارها وتحدث فيها الدكتور احمد ماضي وشاركه كل من الدكتور هشام غصيب والدكتور عامر شطاره والدكتور عزمي طه السيد، وقد أشار الدكتور ماضي بصراحة الى أن تدهور علوم الفلسفة في الاردن تحديداً بدأ بعد أن قررت وزارة التربية والتعليم في اوائل سبعينات القرن الماضي إلغاء موضوع الفلسفة من مناهجها ولم يكن صعبا التكهن بمن كان وراء ذلك القرار التجهيلي ! أما نصيب الثورات العربية في هذه الندوة فجاء في كلمة الدكتور هشام غصيب حين دعاها باسمها الحقيقي وليس باسم (الربيع) الذي أطلقه عليها الآخرون ثم نوّه الى افتقارها حتى الآن لفلسفة واضحة تقودها لكنها سوف تتمخض عنها لا محالة، وكفاني بذلك مؤونة التعقيب على تحليله العلمي الرصين وان كان بودي ان أضيف ماجاء على لسان الشاعر المصري الوطني الكبير عبد الرحمن الأبنودي بعد شهور قليلة من قيام ثورة 25 يناير 2011 حين وجه كلامه للمتذمرين من بعض اخطاء ناشطيها وللمستعجلين على تحقيق انتصارها من دون ان يشاركوا فيها فقال: دي لسّه في اول الطريق وعايزالها كمان عشر سنين مع قيادة فكرية منظمة علشان تقدر تقف على رجليها !
وفيما له علاقة غير مباشرة بالمناسبتين السالفتين كنت أمس أعيد قراءة صفحات من كتاب قديم هو (المانيفستو) بالانجليزية لكارل ماركس وفريدريك انجيلز الصادر في شباط عام 1848 حيث التحليل الاجتماعي والاقتصادي والسياسي لطبيعة الثورة، والاسباب الرئيسية لانتقال المجتمعات البشرية عبر مراحل واضحة المعالم من العبودية الى الاقطاع الى الرأسمالية ثم اخيراً توجهها الى مرحلة جديدة من الاشتراكية أو العدالة الاجتماعية وصون كرامة الانسان وغير ذلك مما يحفل به هذا الكتاب ويصلح أن يكون مرجعاً للمؤرخين والباحثين ودليلا مرشدا لاولئك الرواد الذين يهبّون لتحقيق التقدم والتغيير ويحملون على كواهلهم في بعض مفاصل التاريخ مصائر شعوبهم..
وبعد.. إن للبشرية منذ الأزل مسيرةً متصلة من ثورات متعددة الانواع والأنماط تفرض بواسطتها طبقاتٌ محددة أنظمةً جديدةً تخدم مصالحها وتحل محل القديمة التي تختفي وتتلاشى ! فلماذا التعجب الآن.. أو التعامي ؟

الرأي 2014-11-25



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات