التاريخ والجغرافيا في الصراع العربي العثماني !

تم نشره الجمعة 28 تشرين الثّاني / نوفمبر 2014 02:05 صباحاً
التاريخ والجغرافيا في الصراع العربي العثماني !
محمد كعوش

لايهمنا اذا كان وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل استقال ام اقيل، كما لايهمنا اذا كانت هذه الاستقالة تتعلق بتطورات وخلافات داخلية اميركية، أي بين البيت الابيض والبنتاغون، ولكن الذي يهمنا هو مدى علاقة هذه الاستقالة بالحرب على الارهاب واهدافها وتفاصيلها. فهناك اراء متعددة اثارت عدة اسباب وقضايا اطاحت بوزير الدفاع هيغل، في مقدمتها فشل الحرب على الارهاب، اضافة الى تباين في الرأي وتعارض في الاهداف بين الرئيس اوباما ووزير دفاعه، حول العمليات العسكرية في العراق وسوريا، وحول اداء القيادة العسكرية الاميركية في هذه الحرب، اضافة الى انحياز وزير الدفاع الاميركي للخطة التركية، وتبنيه لشروط اردوغان الذي طلب الانخراط في القتال ضد النظام السوري، واستهداف الرئيس الاسد بهذه الحرب، وهو عكس رأي ورغبة ورؤية الرئيس الاميركي في هذه المرحلة.
والحقيقة انني اردت من تناول التطورات الاميركية الوصول الى الموقف التركي المتشدد ازاء الدولة السورية، وموقفه العدائي من النظام المصري ايضا، وهو الموقف الذي ارى فيه محاولة لإحياء دور تركيا العثمانية في اسقاط مشروع اقامة الدولة العربية الكبرى صاحبة القوة والريادة. وهنا نرى ان التاريخ يعيد نفسه بصورة اخرى، اي العودة للحرب التي شنتها الدولة العثمانية على الدولة العربية في عهد محمد علي الكبير، اي في النصف الاول من القرن التاسع عشر، وهي الدولة التي شملت مصر وبلاد الشام حتى الاناضول.
منذ ذلك الوقت كان محمد علي يدرك ان وحدة مصر وبلاد الشام ضرورة استراتيجية، وان توحيد البلاد يغير وجه التاريخ، ويعطي مصر دور الدولة القائد. والثابت في التاريخ المصري العميق ان تطلعات المصريين وحملاتهم العسكرية كانت تتجه شرقا، لقناعتهم ان المشرق هو بوابة غزو مصر، وهو خط الدفاع الاول عن مصر وامنها ومصالحها، ولا ننسى ان الرئيس الراحل عبد الناصر، في زمن الوحدة، شكل الجيش الاول في سوريا، والجيش الثاني والثالث في مصر، لأن سوريا وبلاد الشام، قبل ظهور وتعزيز الهوية القطرية، كانت، ولا تزال، بوابة الامن المصري.
لذلك كتب محمد علي الى وكيله في الاستانة، في بداية المواجهة مع الدولة العثمانية، يعبر له عن اهمية بلاد الشام بالنسبة لمصر قائلا: «ان الشام لازمة لسلامة مصر». وعندما زحف ابنه القائد ابراهيم الى بلاد الشام ركز على اثارة المشاعر القومية العربية من اجل تشجيع الاهالي في بلاد الشام على الانضمام لحملته العسكرية في مواجهة سطوة وهيمنة الامبراطورية العثمانية التي حكمت وهيمنت وظلمت العرب باسم الاسلام.
وقرأت في كتاب «الحكم المصري في الشام» للدكتورة لطيفة محمد سالم ان ابراهيم باشا قال عندما اطلق على نفسه لقب (سر عسكر بلاد العرب): «انا لست تركيا فقد جئت مصر صبيا، ومنذ ذلك الحين مصرّتني شمسها وغيرت من دمي فجعلته دما عربيا». وعندما اعلن انه لن يتوقف الاعلى ضفاف دجلة والفرات، بدأ السلطان العثماني اتصالاته بوجهاء في بلاد الشام باسم الاسلام لاثارة الفتن الداخلية، كما عقد معاهدة عسكرية دفاعية هجومية مع روسيا القيصرية في تموز( يوليو) عام 1833 لحماية الدولة العثمانية واستعادة بلاد الشام.
ولم يتوقف الامر عند هذه المعاهدة، بل بدأت بريطانيا بالتدخل والعمل على ضرب قوة محمد علي واضعاف نفوذه. فقد تم تشكيل تحالف دولي ضم تركيا وبريطانيا وبروسيا وروسيا والنمسا تحت عنوان معاهدة لندن في العام 1840 وطلب التحالف من محمد علي الانسحاب من بلاد الشام فورا مقابل منحه ولاية وراثية في مصر وعكا. وصاحب ذلك تحرك تحريضي محموم قام به قناصل دول التحالف ضد حكم محمد علي في بلاد الشام نجح في استمالة بعض القيادات العربية الموالية لمحمد علي في المنطقة.
خلاصة القول ان من الضروري العودة الى التاريخ لمعرفة جذور التركي ضد العروبة، وادراك حجم الدور التركي في هذا الصراع المتأجج اليوم تحت عنوان الاسلام السياسي. وكذلك الدول الغربية، التي ما زالت تحول دون قيام دولة عربية قوية قادرة، تحمل المشروع النهضوي العربي، والتي منعت وحاربت وحدة مصر وسوريا في الماضي والحاضر، وما زالت تدعم نشر العنف والفوضى والارهاب في مصر كما في سوريا.

الراي 2014-11-28



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات