البرلمان الفرنسي والدولة الفلسطينية
صوّت البرلمان الفرنسي بأغلبية كبيرة على موضوع الاعتراف بالدولة الفلسطينية، رغم أن قانون البرلمان ليس ملزماً للحكومة، إلّا أنه يمثل خطوة معنوية تجاه الشعب الفلسطيني في مواجهة الغطرسة « الاسرائيلية» التي أمعنت في الاستهتار بحقوق أهل فلسطين الشرعيين، كما أمعنت في الاستهتار بالمجتمع الدولي كله.
وقد سبق قرار البرلمان الفرنسي قرار مجلس العموم البريطاني ودول أوروبية أخرى، مما يشكل خطوة رمزية تستحق التشجيع والتقدير، وتسعف الدول العربية بالتقدم بمشروع عربي يهيىء لولادة الدولة الفلسطينية بدعم دولي وعالمي واسع حيث كان ذلك واضحاً في تصويت الجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة.
يبقى الموقف الأمريكي هو الموقف الأكثر تأثيراً في هذا السياق، حيث أن الأمريكان ما زالوا الأكثر قرباً إلى الموقف «الاسرائيلي» إلى حد التطابق، والتي ما زالت تتبع أسلوب المماطلة بتنفيذ وعودها السابقة التي قطعها على نفسه أكثر من رئيس أمريكي، ولكن حتى الآن لم يتم التقدم خطوة إيجابية معتبرة.
الأمر الذي يجب أن يتم التوقف عليه من كل دول العالم أن «اسرائيل» تمثل السبب الرئيسي والأكثر تأثيراً في انتاج التطرف على مستوى العالم، وهي السبب الرئيسي في احداث الغليان والتوتر الذي يغطي مساحة واسعة من العالم العربي والإسلامي، من خلال قيامها على أساس «الارهاب» ابتداءً قبل أن يعرفه العالم، حيث ولدت الدولة «الاسرائيلية» من رحم الأعمال الإرهابية التي مارستها العصابات الصهيونية المتطرفة التي قدمت إلى أرض فلسطين في مرحلة الفراغ والفوضى التي عمت العالم العربي بعد انهيار الامبراطورية التركية، وفي ظل الرعاية البريطانية المباشرة التي كانت تستعمر المنطقة ومنحت فلسطين لليهود لإقامة وطن قومي لهم فيها عبر وعد بلفور المشؤوم.
ما يمكن الإشارة إليه في هذه القضية أن القرار الفرنسي المسبوق بقرارات أوروبية أخرى، يمثل فرصة سانحة للعرب للقيام بدور دبلوماسي نشط، قادر على الاستثمار في حالة التعاطف العالمي مع الشعب الفلسطيني، الذي يتعرض لأبشع أنواع الظلم على مستوى الكرة الأرضية، إضافة إلى ضرورة تسليط الأضواء على الخطوة التي أقدمت عليها حكومة الاحتلال بإعلان «اسرائيل» دولة يهودية، تمهيداً للقيام بخطوات في غاية الخطورة على مستقبل فلسطين ومستقبل شعبها تتمثل بتهجير العرب المقيمين في أرض (48)، وإلغاء حق العودة والاستمرار في سياسة التهويد الواسعة، خاصة فيما يتعلق بالقدس والأقصى.
ما زال الدور العربي خافتاً وضعيفاً، ولا تكاد تسمع لهم ركزاً، فالجماهير العربية لا تنتظر من الدول العربية تحريك جيوش وإعلان حروب، وإنما أن يقوموا بدور دبلوماسي إعلامي سياسي قوي، يستند إلى عدالة القضية أولاً ويستند إلى الفرصة العالمية السانحة، وتسليط الضوء على ما يجري في القدس والأقصى من تصرفات إرهابية لا يقبلها عقل ولا منطق ولا ضمير.
(الدستور 2014-12-04)