لسنا على الطريق الصحيحة

تم نشره السبت 06 كانون الأوّل / ديسمبر 2014 02:15 صباحاً
لسنا على الطريق الصحيحة
حسن احمد الشوبكي

لم أقرأ استطلاعا محليا للحالة الاقتصادية، يقترب في أرقامه ومؤشراته من الواقع الفعلي لحياة الأردنيين، كالاستطلاع الأخير الذي أعلن نتائجه مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، الأسبوع الماضي، بخصوص هيكلية رواتب العاملين والموظفين في البلاد.
الحصيلة في النهاية أظهرت أن 86 % من الأردنيين يتقاضون رواتب تقل عن 500 دينار شهريا، وأن نحو 38 % يتقاضون أجورا ورواتب شهرية تقل عن 300 دينار. وفي موازاة هذا، ثمة نسبة تقترب من 2 % يحصلون على رواتب تزيد على ألف دينار شهرياً. لكن، ماذا تعني، بصراحة، كل هذه الأرقام والنسب؟
إنها تعني، وبلا ريب، أن الفشل الاقتصادي للحكومات المتعاقبة هو السمة الأبرز، بعد سنوات مديدة من التجريب والارتجال، وتنفيذ الخصخصة بكل تشوهاتها المرافقة، ونقل الدولة من اقتصاد مختلط هجين إلى آخر يسير بخطى تنطوي على تبعية مكشوفة لمؤسسات التمويل الدولية ومسارات الرأسمالية والسوق المفتوحة.
ومع ذلك، نرى كثيرا من المسؤولين يتشدقون بعبارات الرخاء الاقتصادي والأمن والأمان، وكأن الأمن كلمة مفرغة من مضامينها! فصحيح أنها تعني أن لا يتسلل الإرهاب إلى بلادنا، وأن لا يكون التخاطب داخليا بالسلاح، لكنها تعني أيضا أن لا تفتك الفاقة بالأردنيين الذين ما يزالون يحلمون بفرصة عيش كريمة. ولست على ثقة بأن كثيراً من المسؤولين معنيون بتغيير أحوال الناس، وإنما هم معنيون بتغيير أوضاعهم الشخصية. ولا يتوقف الأمر عند حصول هكذا مسؤولين على ألقاب، بل يتعداه إلى امتيازات وشبكة علاقات ومصالح ونفوذ تجعل حياتهم تنقلب رأسا على عقب.
يا أصحاب الدولة والمعالي والعطوفة، ويا مدراء الشركات والبنوك؛ هل تعلمون أن الأداء الاقتصادي لكثيرين منكم، خلال سنوات مضت، تسبب في تدمير الطبقة الوسطى، وبما ينعكس على شكل تهديد يصيبنا جميعا، ولو بعد حين؟ فإن كانت هذه الطبقة بخير، كنا جميعا بخير. وثباتها وقوتها يعنيان بالضرورة أن لا تكون مؤشرات الرواتب على هذا الشكل من التشوه.
بقي أن نقول إن ثلاثة أرباع الأسر في عمان والأطراف لا تتوفر لها القدرة على تلبية احتياجاتها الغذائية، أو إنها تلبيها بالحدود الدنيا؛ وإن أرباب العمل، في حالات كثيرة، لا يلتزمون بدفع الحد الأدنى للأجور (190 دينارا) للعامل الأردني، فيتقاضى العمال في معظم منشآت البلاد فتات الأجور، ويعيشون حياة ملؤها النكد والتعب.
وصفة الفشل في أي مجتمع أو دولة، ليست إلا التشوه في توزيع الثروة والموارد، بتحويل مقدرات الدولة لصالح فئة قليلة على حساب فئات أكبر. فالأردن ليس لاثنين بالمئة من أبنائه، و86 % من سكانه سينصرفون إلى أنينهم اليومي ونكد العيش، حتى تضع السكتات القلبية حدا لهذا المشوار القاسي.
النتائج الكارثية في مؤشرات الاستطلاع الأخير تُظهر أن المسار الاقتصادي للدولة ليس على الطريق الصحيحة، حتى وإن ادعت مؤسسات التمويل الدولية عكس ذلك.

(الغد 2014-12-06)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات