استجابة شعبية

اثبتت التجربة ان الاستجابة الشعبية للتحديات الداخلية والخارجية، تحققت بدرجات عالية، في تحمل عبء ثقيل كما هو الحال في موضوع اللاجئين السوريين، الذين يشكلون 20 بالمئة من عدد سكان المملكة هذه الايام، لكن، في المقابل، فإن حجم الاستجابة الاقليمية والدولية لهذه الاعباء لم يكن بالمستوى المأمول، الامر الذي اثقل على الموارد المحلية، وشكل خطورة على السلم والتماسك الاجتماعي والمعيشي للاردنيين.
قضية اللجوء السوري لا تتوقف عند حد معين، مع عدم وجود بوادر حلول في الافق، ولا أحد يستطيع التنبؤ بنهاياتها، بمعنى ان الخيارات لا زالت مفتوحة على كل الاحتمالات، الامر الذي يتطلب التعامل ضمن رؤية او استراتيجية وطنية واضحة، على مديات قصيرة ومتوسطة، لتقييم الاحتياجات والتحديات، والتأقلم مع مخرجات الازمة والتعافي من نتائجها، خصوصا في المناطق المستضيفة في شمال المملكة ووسطها.
ما اعلنه وزير التخطيط قبل يومين في البحر الميت، يتحدث عن خطة وطنية على مدى عامين، لتمكين الاردن من استيعاب تحديات اللجوء المفاجئ وبأعداد كبيرة، خصوصا في قطاعات اساسية كالصحة والتعليم والاسكان والطاقة والحماية الاجتماعية والبلديات وغيرها، كلفة هذه الخطة تصل الى نحو 4،5 مليار دولار اميركي، لعامي 2015-2016، في حال توقف اللجوء الى المملكة عند رقم 1,6 مليون شخص، لكن بدون التعاون الجاد من المنظمات الدولية، والدول الغنية، وفق الية واضحة ومحددة، تبقى مسألة الخطط حبرا على ورق، لان امكاناتنا محدودة ومورادنا شحيحة.
الاردن تعامل في قضية اللاجئين السوريين بإنسانية ومسؤولية، فلم يطلق عليهم النار في القوارب في عرض البحر، ولم يتركهم لمافيات التهريب او رصاص القناصة من اي طرف كان، لكن الاقتصاد الاردني ليس بحجم اقتصاديات دول العالم الاخرى، لكي يستطيع ان يتحمل كُلف استضافة هؤلاء اللاجئين لسنوات طويلة، وهناك مسؤولية قانوينة واخلاقية على الدول، التي لم تفتح ابوابها لاستقبال اللاجئين السوريين، في المساهمة في توفير ظروف افضل في الدول المجاورة التي فتحت ابوابها لاستقبال لاجئين دمرت بيوتهم وقتل معيليهم او اضطهدوا ولم يعد بامكانهم البقاء في بلدهم.
(الرأي 2014-12-13)