الضابطة العدلية في الجامعات ليست الحل

تم نشره الأحد 14 كانون الأوّل / ديسمبر 2014 01:48 صباحاً
الضابطة العدلية في الجامعات ليست الحل
د . باسم الطويسي

معظم الحلول التي طرحت لتطويق العنف الطلابي في الجامعات هي حلول أمنية بامتياز باستثناء التزام بعض إدارات الجامعات مؤخرا بتطبيق القوانين والانظمة والحرص على عدم إفلات المتسببين بالعنف من العقاب، في المقابل مرت قضايا عنف طلابي كبيرة وتسببت بوقوع ضحايا بدون حتى تحقيق.
عودة فكرة منح الضابطة العدلية للحرس الجامعي بقوة هذه الأيام من خلال إصدار تشريع خاص بها أو تضمينها لقانون التعليم العالي، سوف تسهم في صب المزيد من الزيت على نار العنف الطلابي؛ فالحرس الجامعي في معظم خبرات العنف الجامعي طوال أكثر من عقد ونصف العقد كان جزءا من المشكلة، علاوة على أن التوسع بمنح الضابطة العدلية لا يخدم الأهداف الوطنية ببسط سيادة القانون ولا يتفق مع مبادئ ميثاق النزاهة الوطنية.
ثمة سياسة تتبلور في إدارة ملف العنف الجامعي والطلابي، ولكن للأسف يبدو أن المدخل الذي يدير هذه السياسة هو المدخل الأمني، ما قد يكرر أخطاء كبرى ارتكبت في السابق وما قد يقود إلى عسكرة المدارس والجامعات؛ ولعل نزوع بعض إدارات الجامعات إلى زرع مرافق الجامعات وساحاتها بكاميرات المراقبة هو أحد أشكال الحلول الأمنية.
صحيح أن ملف العنف الطلابي في الجامعات أصبح قلقا يوميا للمجتمع والدولة، إلا أن كل ذلك لا يعني أننا أفلسنا من كل الحلول وما بقي إلا الحل الأمني المباشر والسيطرة الكلية ومراقبة أنفاس الناس، ونتجاهل هنا أن ما قامت به وزارة التربية والتعليم في خطة استعادة امتحان التوجيهي يعد أنموذجا للحلول الممكنة؛ كثيرا من الحزم المؤسسي والإداري وكفاءة في تحديد الاهداف وإدارة تنفيذها والوصول اليها .
المشكلة أن الأمن الجامعي وعلى طول تاريخ العنف الطلابي كان جزءا من المشكلة ولم يكن أبدا أداة للحل، فعلى المشرّعين ومن يدفع بهذه الفكرة مراجعة عينة من أحداث العنف منذ عشرة أعوام من زاوية دور الأمن الجامعي؛ بدون عناء سنجد ان الأمن الجامعي لم يكن عند مستوى المسؤولية بل إن العديد منهم قد تورطوا في المشاكل وآخرين انقسموا حسب طبيعة المشكلة واستقطبتهم العشائرية، ومعظم الدراسات والوثائق التي وضعت للحد من العنف الجامعي أكدت الحاجة الى إصلاحات جذرية في هيكلة الأمن الجامعي وإعادة تدريب أفراده وحذرت من قصة الضابطة العدلية.
فعلاوة على أن منح صلاحيات الضابطة العدلية لفئة جديدة يعني الحد من الحريات العامة وزيادة عدد الجهات التي تمارس السلطة والقوة غير الجهات السيادية وتحديدا في الجامعات التي يفترض أن تكون البيئة والمكان الأكثر أمانا والأكثر ضمانا للحريات، فإن هذه الصلاحيات تأتي لتضيف المزيد من التعقيد على مسألة العنف الطلابي، حتى لو افترضنا أن إدارات الجامعات ستأتي بأفراد الأمن الجامعي من محافظات ومناطق أخرى وهو الأمر الذي لن يحدث.
علينا أن نذهب إلى نقطة أبعد من ذلك، بأن العنف الطلابي والغش في الامتحانات مصدرهما الخلل العميق الذي أصاب كفاءة المؤسسة التعليمية ومن يديرها، وأن أي علاج أو مقاربة تتجاوز هذا المدخل لن تضيف إلا المزيد من الخلل وربما بعض التهدئة التي لن تحصد إلا المزيد من تراكم المشكلة وبالتالي المزيد من التعقيد وصعوبة الحلول.

الغد 2014-12-14



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات