"هدرز المركبات" يقلق راحة المواطنين ويؤثر على سمعهم وصحتهم
المدينة نيوز:- يشكو مواطنون من أصوات مضخمات الصوت ( الهدرز ) التي يتم تركيبها على عوادم السيارات متسببة بازعاج وضوضاء وتلوث سمعي يقلق راحة المواطنين في الازقة والاحياء ليلاً ونهاراً نتيجة صوتها المزعج .
ويعربون لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) عن أسفهم لتزايد هذه السلوكيات التي انتشرت من خلال الاستعراض السلبي على سيارات ودراجات العديد من السائقين خصوصاً الشباب، مطالبين بالتصدي لها من خلال الجهات المعنية، ومنع استيراد تلك المضخمات والتشديد الرقابي عليها وعلى المحال التي تقوم ببيعها والترويج لها .
المواطن عدي غرايبة يعرب عن امتعاضه لهذا السلوك الخاطئ مشيراً إلى عدم وجود الرقابة الكافية من قبل الأجهزة المختصة على ممارسي هذا السلوك، ومن يروج للمضخمات ويعمل على بيعها .
ويتساءل عن كيفية دخول هذه الأجهزة "مضخمات الصوت" إلى السوق المحلية رغم منع استيرادها، ويشير في الوقت ذاته إلى ان هناك تجارا يقومون بعمليات تهريب خاصة لتلك الأجهزة التي يتم بيعها في الأسواق دون رقابة، وتباع لطالبيها، ناهيك عن ما يترتب عنها من إزعاج وإقلاق للراحة العامة دون مراعاة أوقات وظروف الناس، واحترام الأماكن .
ويقول "للأسف تمر تلك السيارات التي تمتلك – الهدرز- من أمام المسجد بصوتها المزعج الذي لا تتحمله الأذن دون مراعاة واعتبار لحرمة المسجد والمصلين"، مشيرا إلى أن الأشخاص الذين يسلكون هذا المسلك هم من الفئة العمرية بين 18 و 30 عاما ، وذلك من باب الاستعراض والتباهي أمام طلبة الجامعات والمدارس، اذ تنتشر هذه الظاهرة بشكل كبير خصوصاً في فصل الصيف، مفسراً ذلك بقلة الوعي وأوقات الفراغ التي تسيطر على حياة الشاب .
الشاب عمران يقول " أشعر حينما أقود سيارتي بعد ان قمت بتركيب (الهدرز)، بنشوة القيادة، وكأنني أمتلك الطريق والجميع من حولي يعجبون بهذا الأداء الرائع، متسائلاً : هل هناك أروع من لفت الانتباه وأنت تقود المركبة وصوتها يدوي في الأرجاء؟ هذا يشكل متعة خاصة لدي "، مضيفا ان أصدقاء له وبعد مشاهدتهم آلية عمل الهدرز عن قرب قاموا بتركيب تلك الاجهزة .
وحول تكلفة تركيب نظام مضخم الصوت يقول "ان تكلفته الكلية تتراوح بين 250 إلى 700 دينار وقد تقترب التكلفة من الف دينار، وذلك حسب النوع والصناعة" .
ويقول المواطن يوسف الزعبي ان هذا السلوك السلبي غير مقبول خصوصاً من فئة الشباب الذين يفترض بهم الوعي والعمل للنهوض بمستقبل الوطن وإنارة دروب الآخرين مشيرا الى انه " يبدو ان هذا السلوك بات يعبر عن شخصية كثير من الشباب الذين يفترض بهم العقلانية والوعي، فسلبية التصرف تعكس شخصية الشاب، وهذا التصرف يبين لنا ان من يقوم به غير مسؤول ويعبر عما بداخله من نقص وحاجة للظهور أمام الناس والاستعراض، فيريد لفت انتباه الآخرين له، علاوة على إظهار مزايا سيارته، متناسيا ان هذا السلوك السلبي، يزعج المواطنين ويقلقهم .
بيان , احدى الطالبات الجامعيات تقول " سمعنا في احدى الليالي أنا وصديقاتي في سكن الطالبات اصواتا مدوية، لم نستطع النوم حتى ساعات الفجر، لنكتشف بعد ذلك انها نتجت عن مضخمات للصوت تصدر ضوضاء وضجيجا مزعجا للغاية ".
وتعرب عن اسفها لانتشار هذه السلوكيات الخاطئة في المدن والأحياء السكنية، وتقول "استغرب من إقبال بعض الشباب على هكذا سلوكيات ترعب الناس، وان كان بعضهم يظنون ان هذا الأمر يسهم في لفت انتباه الناس .
الطالب الجامعي أحمد سرحان يقول ان الجهود الرقابية في هذا الصدد غير كافية للحد من ذلك كمصدر حتمي لإزعاج المواطنين، متمنيا على الأجهزة الرقابية فرض مزيد من الضوابط التي تعمل على مخالفة المرتكبين لهذه السلوكيات .
أحد أصحاب محال تعديل وزينة المركبات "أبو نظمي"، يقول انه يعمل على تعديل المظهر الخارجي للسيارة وفقاً لرغبات طالبيها، ويشمل ذلك تركيب مضخمات للصوت "هدرز" على عوادم السيارات وفي صناديقها مضيفا ان الكثير من التعديلات على السيارات تتم خارج المملكة، وحسب القدرة المادية لمالك السيارة، فبعض السيارات يتم تعديلها في المدن الصناعية المنتشرة في مناطق المملكة، والآخر قبل إدخالها للمملكة .
استشارية الأنف والأذن والحنجرة الدكتورة هالة عبد الرحيم تعتبر تعرض المواطنين للأصوات التي تصدر من السيارات "كالهدرز"، خطرا على الصحة حيث تقول "ان الخطر يكون أكبر عندما يكون تأثيره على السمع إجباريا ولا نستطيع تفاديه،والذي لا يوجد أي هدف منه سوى لفت النظر للسائق المستخدم له " .
وتبين ان أصوات "الهدرز" خارقة لما يمكن تحمله من قبل الأذن لما لها من تأثير كبير عليها، إذ يمكن أن تحدث نقصا مؤقتا أو دائما في السمع وكذلك طنينا متقطعا أو دائما، " فالحد المريح لوحدة قياس السمع (الديسيبل) للاذن هو 45 ديسيبل، وأصوات هذه العوادم قد تصل الى حد 150 ديسيبل، الذي يؤذي السمع ويحدث تاثيرا لا يستهان به على رفع ضغط الدم، والأعصاب، والقدرة على الإنجاب، كما أنها تؤثر على الجنين، لان السمع أول حاسة تكتمل عنده " .
وتفسر ذلك بقولها "ان السبب هو تأثير هذه الذبذبات على شعيرات خلايا السمع التي هي الخلايا العصبية التي توصل السمع للدماغ، وتبدأ بكونها تأثيرا مؤقتا، ومع تكرار التعرض للاصوات العالية في حياتنا، فإن ذلك يؤدي إلى خراب أو تلف دائم، ومن ثم نقص السمع في سن مبكرة"، والأخطر من ذلك، التعرض المفاجئ لهذه الأصوات لمدة متواصلة أو متكررة يؤدي إلى فقدان السمع المفاجئ ، الذي يكون في أذن واحدة معظم الأحيان، لكن يمكن ان يؤثر على كلتا الأذنين سواء بشكل مؤقت أو دائم" .
وتقول الدكتورة هالة " للأسف لا يوجد علاج لأي من الحالات السابقة لان الخلايا العصبية السمعية لا يمكن ان تعمل بعد ذلك مثل كل الأعصاب الموجودة في جسم الإنسان بعد تلفها "، والوقاية هي الحل الأمثل، إضافة إلى سن قوانين حازمة للتخلص من أي مؤثرات جبرية ضارة على سمع الأفراد في محيطهم المهني وفي الشارع .
وعن الظروف النفسية التي تدفع الشباب لاستخدام مضخمات الصوت في مناطق مأهولة بالسكان، يقول أستاذ علم الاجتماع في جامعة مؤتة الدكتور حسين محادين "ان الإنسان الذي يستعمل السيارة يحور معناها التقني أو المادي ليسقط من خلالها خصائصه النفسية والاجتماعية، ويقوم بإضافة هذا الجهاز – الهدرز – مستغلاً بذلك المرونة التي تتمتع بها هذه التقنية باستيعاب الجديد، وان عقليته تتعامل مع هذه التكنولوجيا المتطورة كإنسان وكأنه في سباق خيل".
ويشير إلى ما يسمى بعملية " الاختمار الحضاري "، فيقول "ان هذه العملية بتعاملنا مع السيارات الحديثة والنظام العام، ما زالت بحاجة الى تعميق، لهذا نشاهد ونسمع مثل هذه التصرفات، لا سيما حينما يتعلق الأمر بوجود نساء في المحيط، ما يدفع ( الفارس) إلى لفت إنتباه الاخرين لسلوكه النشاز هذا" .
ويؤكد الدكتور محادين ان هذا التصرف ملوث سمعي بالدرجة الأولى، حيث يحدث الضوضاء ويثير الخوف لدى السكان، وبالمجمل يدل على عدم احترام النظام العام، خصوصاً ان الصوت المرتفع من مستلزمات الصحراء والفضاء المفتوح .
الناطق الاعلامي باسم دائرة الجمارك الاردنية العقيد جهاد الحجي يقول، انه اذا تمت ملاحظة وجود أجهزة على مركبات تثير الضوضاء وتؤثر على المواطنين، فإنه يتم تحويلها إلى أقسام الترخيص التابعة لمديرية الأمن العام المنتشرة في جميع المناطق الحدودية في المملكة، بناء على كتاب من الامن العام يفيد بمنع دخول هكذا أجهزة .
فيما يقول الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام الرائد عامر السرطاوي انه ومن خلال الأجهزة المختصة بالمديرية، يتم إجراء عمليات كشف ميداني ودوري على المركبات، سواء كان ذلك من خلال التواجد في الميدان أو من خلال تلقي شكاوى المواطنين .
ويضيف انه وفي حال ضبطت مركبات مخالفة أو وردت شكاوى من قبل المواطنين ضد مركبة مخالفة، تمتلك أجهزة كمضخمات الصوت "الهدرز" أو مضخمات الصوت الخارج من سماعات المركبة، أو أية قطعة يتم تركيبها عليها وتشكل مصدر إزعاج للمواطنين، فانه يتم على الفور تشكيل لجان فنية مختصة لفحصها، و"عند ثبوت مخالفة المركبة، يتم مخالفة مالكها وإلزامه بإزالة هذه الأجهزة التي تشكل ضوضاء سمعية" .
ويشير السرطاوي إلى انه "اذا تبين ان مالك المركبة لم يلتزم بالإجراءات السابقة، فانه يتم إتخاذ الإجراءات القانونية ، إضافة إلى تحويله للحاكم الإداري، والتعهد بعدم تكرار هذا السلوك" .