«توجيهي» بلا ضجيج

أيام قليلة تفصلنا عن الدورة الشتوية لامتحان الثانوية العامة، وسط تحضيرات واستعدادات ماراثونية من الوزارة، سعيا لانجاح الدورة الجديدة، بعيدا عن حالة الشد والمناكفات التي كانت ترافق «الامتحانات» في السابق، وسط تحدي حماية الطلبة الكفؤين والجادين والمميزين، وان لا يدخل الى الجامعة الا كل مَنْ هو اهل لذلك.
تحميل وزارة التربية وحدها مسؤولية نجاح او فشل الامتحان، فيه ظلم وعدم موضوعية، فالاطراف التي تتحمل مسؤولية النجاح، متعددة في مقدمتها الطالب نفسه، الذي يفترض ان يدرك اهمية وحيوية الامتحان لمستقبله الاكاديمي والمهني، والاهل أيضا طرف اساسي في عدم تحميل الطالب اعباء نفسية وضغوط قد تؤثر في مستوى تحصيله، او لجوئه الى اي وسيلة من اجل تحقيق المعدل المطلوب، لان نتيجة هذا الامتحان هي حصيلة جهود استمرت على مدى اثني عشر عاما، من الدراسة والمواظبة، تتوج بامتحان الثانوية العامة.
اما الطرف الآخر فهو المعلم بمهجته كمراقب ومصحح ، الذي يمكنه توفير البيئة الهادئة والآمنة للطلبة في القاعات، بعيدا عن الاستفزاز او الشد مع الطلبة، والتعامل معهم ضمن الظروف النفسية والضغوط التي يواجهها الطلبة، فلا يكونوا أداة قمع للطلبة وتعسف ، وفي نفس الوقت لا يكونوا «شهود زور» ايضا، مع ضرورة الحزم وتحمل امانة المسؤولية في عدم السماح بأية تجاوزات قد تربك القاعة، أو تحدث فوضى تقود الى صدامات في القاعات.
ولا ننسى ايضا دور مجلس نقابة المعلمين، في العمل الايجابي المسؤول من اجل انجاح الامتحان، من خلال درء الاشاعات او النفخ في ابواق الاقاويل حول تسريب الاسئلة، وان تبقى النقابة بعيدا عن اية مزايدات أو تصيد لاخطاء او تجاوزات، وتضخيمها، وهنا يمكن اقتراح تشكيل هيئة تنسيق نقابية للمشاركة في جولات على بعض القاعات للتأكد من سير الامتحان بيسر وأمان، لان النقابة شريكة، وسمعة شهادة الثانوية العامة تعني النقابة كما تعني الوزارة، ايضا.
ما يريده الطالب في هذا الامتحان، توفير بيئة امتحان آمنة وهادئة، فهو ليس بحاجة الى وجود أولياء الامور في سياراتهم او على اسوار المدرسة، او فوق اغصان الاشجار المحيطة، ليكونوا الى جانب ابنائهم لتوفير اجواء الطمأنينة والراحة للطالب، فغيابهم حتى نهاية الامتحان يريح الطالب اولا ورجال الدرك ثانيا، الذين هُيئوا لتوفير البيئة الآمنة للطلبة، ومنع التأثير او التشويش الذي يمكن ان ينجم عن الامتحان، او الاجواء المحيطة به، فالطلبة أتوا لتقييم قدراتهم، ولا اعتقد ان الوجود الأمني المكثف المضطرين له، أمر يبعث على الطمأنينة للطالب.
كل الاجراءات التي اتخذت من الجهة المنظمة للامتحان ايجابية وتلقى التأييد من كل الاطراف، وقد تحملت الوزارة اكلافا مالية اضافية لتحقيق اعلى درجات النزاهة والموضوعية لتحقيق التقييم الحقيقي للطلبة وقدراتهم وكفاءتهم، لكن ما الذي فعله او سيفعله بقية الاطراف لانجاح الدورة الشتوية للثانوية العامة، سؤال مطروح، بانتظار الاجابة مع بداية الامتحانات نهاية الشهر الجاري.
(الرأي 2014-12-20)