ليس رداً على الصحف الإسرائيلية
تكررت توقعات بعض الصحف الإسرائيلية وتكهناتها بأنَّ هذا الاستقرار الذي يشهده الأردن لن يستمر «فال الله ولا فالهم» وأن هناك مستجدات غير سارة في الطريق وحقيقة أن هذه التوقعات وهذه التكهنات لم تستند إلى أي تحليل مقنع وإنها مجرد استنتاجات مما تشهده هذه المنطقة من تقلبات خطيرة في أعقاب ما يسمى بــ»الربيع العربي» الذي لم يزهر وروداً جميلة في حقيقة الأمر إلا في المملكة الأردنية الهاشمية أولاً وفي تونس الخضراء لاحقاً.
غير معروف من أوْحى لصحفيين وكتاب هذه الصحف الإسرائيلية بهذه التكهنات التي لا تستند إلى أي معلومات فعلية وحقيقية وأغلب الظن أن بعض عتاة التطرف في إسرائيل يريدون أن تصبح الدول العربية كلها على ما هي عليه الأوضاع في سوريا وفي ليبيا وأيضاً في العراق وفي اليمن وكل هذا وهم لا يعرفون أنهم لن يسلموا من كل هذا العنف الذي يضرب المنطقة وأنه بالتالي سيصل إلى الدولة الإسرائيلية التي تقع في قلب هذه المنطقة وبخاصة أنها أولاً دولة محتلة وثانياً أنها لم تستطع هضم التناقضات التي جاء بها المهاجرون اليهود من أوطانهم الأصلية.
إنه على هذه الصحف الإسرائيلية التي لم تستطع التقاط حقائق الأمور عن الأردن وعن أسباب وعوامل استقراره ومرور ما يسمى بالربيع العربي عليه مرور النسيم العذب أن تعرف أن سبب هذه الزلازل التي تضرب الآن سوريا وليبيا وأيضاً اليمن والعراق هو تلك الأنظمة القمعية والاستبدادية التي حكمت في هذه الدول ولعقود طويلة وهو أن الشعوب في هذه الدول أيضاً قد عانت من الذل ومن الهوان ما جعلها تنتفض على هذا النحو ألعنفي وما جعلها مجبرة على مواجهة قسوة حكامها بقسوة مماثلة.
إن هذا لم يعرفه الأردن ولم يعرفه الأردنيون فهناك قانون التسامح الذي بقي سائداً منذ إنشاء المملكة الأردنية الهاشمية في بدايات العقد الثالث من القرن الماضي وحتى الآن.. ولعل مالم يسمع به بعض كتاب الصحف الإسرائيلية هو أن هذا البلد لم يعرف ولم يشهد حتى ولا حالة واحدة من حالات الإعدامات السياسية وإن بعض الذين تورطوا في محاولات انقلابات عسكرية قد أصبحوا في أوقات لاحقة من كبار المسؤولين في الأردن وبعضهم تبوأ مواقع قيادية في الأجهزة الأمنية الحساسة.
عندما هبت رياح الربيع العربي على الأردن قبل أربعة أعوام وجدت أمامها مجتمعاً مسالماً لم يعرف العنف لأن العنف يستجلب العنف ووجدت أن هذا البلد قد بدأ عملية التحول الديموقراطي إنْ ليس في عام 1956 ففي عام 1989 كما وجد أن النظام القائم الذي لم يلجأ إلى العنف الأهوج إطلاقاً كبعض أنظمة الدول العربية قد بادر إلى تبني أجمل وأهم ما في هذا الربيع العربي وأنه قد أبقى على أبواب السجون السياسية مغلقة وأنه أحتضن ألوف المسيرات والتظاهرات ووفر لها الحماية وساعدها على التحرك في شوارع العاصمة عمان والمدن الأخرى بكل أريحية.
لم يعرف هؤلاء الكتاب الإسرائيليون ،الذين يبدو أنهم يكتبون أمانيهم وليس الحقائق، إن الأردن قد حقق إصلاحات مقبولة منذ عام 1989 وحتى عام 2011 رغم أن المنطقة شهدت حروباً مدمرة وشهدت اهتزازات كثيرة وإنه عندما غشاه الربيع العربي كما غشا غيره واصل هذه الإصلاحات وهو يواصلها الآن وبكل تصميم على الوصول بالمملكة الأردنية الهاشمية إلى مستوى دول الديمقراطيات العريقة..إن الأهم هو أن الإنسان في هذا البلد محترم ولا يأتيه زوار الليل في بيته في ساعات الفجر المبكر وأن القوانين هي التي تحكم العلاقة بين المواطن ونظامه.. وهكذا وفي النهاية فإنه لابد من القول أن هذا تجسيُدُ للحقائق وليس رداً على بعض الصحف الإسرائيلية.
الرأي 2014-12-30