محاور خطبة الجمعة المقترحة : " ذكرى المولد النبوي الشريف "
المدينة نيوز - نشرت وزارة الاوقاف محاور مقترحة لخطبة الجمعة بعنوان " ذكرى المولد النبوي الشريف " .
وجاءت على النحو التالي :
قال الله تعالى : (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) سورة آل عمران .
وهكذا تمرُّ الأيام ويتقلب الزمان ويبزغ في الكون نور الهادي محمد صلى الله عليه وسلم فتتوالى الذكرى تلو الذكرى والكون يحتفي بمولد الهادي سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، نبي الهدى والرحمة ؛ (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) سورة الأنبياء .
إن مولد الهادي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليس كمولد أي إنسان .. ذلك أن مولده عليه الصلاة والسلام هو ميلاد أمة .. وذكرى مولده صلى الله عليه وسلم هي محطة يتوقف عندها المسلمون يتزودون من معين النبوة والسيرة العطرة ما يجدد ولاءهم وانتماءهم لدين الله تعالى ويعمق فهمهم لأحكامه ويرسخ قيم الخير والفضيلة على خطا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم .
مولد الهادي محمد صلى الله عليه وسلم وبعثته ؛ توج الله تعالى بها سبيل الهداية وأنوار النبوات وتلك السلسلة المباركة من أنبياء الله تعالى ورسله ، الذين بلَّغوا دين الله وبشروا برسول الله وخاتم الأنبياء والمرسلين محمد عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( أَنَا دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ ، وَبُشْرَى عِيسَى ، وَرَأَتْ أُمِّي حِينَ حَمَلَتْ بِي أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَ لَهَا قُصُورَ بُصْرَى مِنْ أَرْضِ الشَّامِ ) .
قال الله تعالى : (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) سورة التوبة ، نعم ؛ إنه نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم حريص على أن تكون صفة الرحمة والرأفة في أمته .. قال صلى الله عليه وسلم : ( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ) ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ , ارْحَمُوا أَهْلَ الأَرْضِ يَرْحَمُكُمْ مِنْ فِي السَّمَاءِ ) ، فالرحمة مقصد عظيم من مقاصد الإسلام أكد عليها القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف ، وكانت واقعا عمليا في حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه والمسلمين من بعدهم ، وحري بنا – نحن المسلمين - أن تتجلى هذه الرحمة في جميع مناحي حياتنا وفي أخلاقنا وفي سلوكنا ..
إن إحياء ذكرى مولده صلى الله عليه وسلم لا ينبغي أن يقف عند السيرة الزمنية فحسب وإنما يجب أن يتجاوزها إلى مستوى الانتفاع بالقدوة الحسنة ومن أجل استخلاص العبر والاستفادة من الدروس العملية التي قدمها صاحب الذكرى عليه الصلاة والسلام.. وإن الترجمة العملية لحب النبي محمد صلى الله عليه وسلم تكون باتباعه والسير على نهجه عملا لا قولا فحسب ، قال الله تعالى : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) سورة آل عمران .
تأتي ذكرى المولد النبوي الشريف كي تدعو المسلمين جميعا إلى أن يقفوا وقفة تأمل وتدبر في حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وتلك الخصال الحميدة التي أثنى عليها الله تعالى في كتابه العزيز ؛ فقال : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) سورة القلم ، فكانت سببا عظيما في نشر رسالة الإسلام وإقبال الناس على دين الله تعالى والتمسك به .. وإذا أردنا لأمتنا النهوض من كبوتها ولسفينتها أن ترسو على برِّ الأمان ؛ فلا بدَّ من التخلق بأخلاق الهادي محمد صلى الله عليه وسلم ..
تمر ذكرى المولد النبوي الشريف على المسلمين والأمة تعيش واقعا مريراً وأحداثاً مؤلمة وتشويهاً للصورة النقية المشرقة للإسلام بين تشدد مفرِط وتهاون مفرِّط يرافقه جهل في فهم أحكام ديننا الحنيف ، وتصدُّر بعض الغلاة للحديث باسم الإسلام .. فتأتي هذه الذكرى العطرة مؤكدة أن الإسلام دين الوسطية والاعتدال والسماحة ويرفض جميع أشكال العنف والتطرف والإرهاب .. وتدعو المسلمين للتمسك بدينهم بوعي وفهم ومعرفة كما بلّغه صاحب الذكرى صلى الله عليه وسلم القائل في الحديث الشريف : ( قد تركتكم على البيضاءِ ليلُها كنهارِها لا يزيغُ عنها بعدي إلا هالكٌ من يعشْ منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا فعليكم بما عرفتُم من سنتي وسنةِ الخلفاء الراشدين المهديِّين, عَضُّوا عليها بالنواجذِ وعليكم بالطاعةِ وإن عبدًا حبشيًا ) .