شركاء في الغرم لا الغنم

تم نشره السبت 03rd كانون الثّاني / يناير 2015 01:09 صباحاً
شركاء في الغرم لا الغنم
حسن احمد الشوبكي

حتى بعد هذا التخفيض الجيد نسبيا لأسعار المحروقات، والذي تراوحت نسبه بين 12 % و15.5 %، فإن عدالة التسعير لم تتحقق بعد. والمقارنات تشير إلى أن الحكومة لم تصل حتى اليوم إلا إلى ثلثي الانخفاض الحقيقي لأسعار البترول الخام على مستوى عالمي خلال النصف الثاني من العام الماضي 2014، بينما يظل فرق الثلث المتبقي ضمن حصة الحكومة في أرباح ليست من حقها، يدفع ثمنها المواطن من الغلاء الذي يواجهه منفردا.
بلغ سعر برميل "برنت" في حزيران (يونيو) الماضي 103 دولارات. وهبط السعر تباعا حتى وصل في كانون الأول (ديسمبر) الماضي إلى 57 دولارا، أو بنسبة تتجاوز 45 %. وبمقارنة التغيرات السعرية لأسعار بنزين "أوكتان 90" خلال ذات الفترة، نجد أن سعر منتصف العام كان 85.5 قرش للتر الواحد، وتراجع بموجب الخفض الأخير إلى 59 قرشا للتر، أي بنسبة 30 %. وهي النسبة ذاتها فيما يتعلق ببنزين "أوكتان 95"؛ إذ بلغ سعره في حزيران (يونيو) الماضي 104 قروش للتر، منخفضا إلى 73 قرشا اليوم.
إذا أخذنا في الحسبان أن هبوط أسعار النفط الخام عالمياً اقترب من نصف الأسعار التي كانت قبل نصف عام، فإن التراجع التدريجي البطيء في أسعار المشتقات النفطية لدينا، يعني أن الحكومة تمارس دور التاجر في هذا الملف الخطير، وعلى حساب المواطن الذي لم يحظ إلا بتخفيض بنسبة
30 % في الأشهر الستة الماضية، وتم للمرة الأولى خفض سعر أسطوانة الغاز إلى 8.75 دينار. هذا في حين بقيت أسعار معظم السلع والخدمات المحلية التي تصاعدت قبل منتصف العام الماضي، ضمن مستوياتها المرتفعة.
يبدو المواطن، وفقا لهذا النسق غير العادل من العلاقات، ضحية لأسعار غير حقيقية. فهو حتما شريك في الغرم لكنه ليس شريكا في الغنم. وهذه حالة تشير إلى استغلال الحكومة لملف الطاقة بغية تزويد الخزينة بما تحتاج من تدفقات نقدية، حتى لو كانت هذه التدفقات على حساب المواطن. وتتذرع الحكومة بوجود كلف ثابتة لا تتغير مع تراجع أسعار النفط، منها أجور التخزين وكلف الميناء والإنتاج والتسويق، وهي تشكل أكثر من ربع السعر لأي من المشتقات النفطية.
في اليوم الأول من العام الجديد، تحاورت مع سائق سيارة أجرة لنحو ربع ساعة، حول ما يشغل باله والتحديات التي من المرتقب أن يواجهها في هذا العام. فأكد، من دون تردد، أنه لا يفكر إلا في سعر صفيحة البنزين، وقال: الخفض الأخير لا يفي بالغرض، وسعر الصفيحة يعد مرتفعا ما دام فوق عشرة دنانير.
هذا السائق يدرّس ابنا وابنة في الجامعة، وهو في مطلع عقده السادس. ويقول إنه يصل الليل بالنهار حتى يتمكن من دفع "ضمان" السيارة التي يعمل عليها، وتأمين مصروفها الثقيل من البنزين، ليبدأ بعد ذلك رحلة توفير مستلزمات ونفقات العائلة، بما فيها رسوم الجامعات. وهو يطالب الحكومة والقطاع الخاص بآلية تسهم في تغيير أسعار السلع والخدمات التي ارتفعت عندما كان سعر النفط باتجاه صعودي على مستوى عالمي خلال العام الماضي، لكنها لم تنخفض بنسب معقولة -وبعضها لم ينخفض نهائيا- عندما شهدت أسعار البترول الخام هبوطا متواصلا في الأشهر الأربعة الماضية خصوصا.

(الغد 2015-01-03)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات