رد فعل أميركي غير مقبول
ما الذي تريده الإدارة الأميركية من الفلسطينيين حينما تعارض بشدة توقيعهم طلبا للانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، وتصف هذا التحرك الفلسطيني بـ"التطور غير البناء"؟ فالإدارة الأميركية وهي راعي المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، صوتت في مجلس الأمن قبل يوم من طلب انضمام الفلسطينيين للمحكمة الجنائية الدولية ضد مشروع قرار عربي فلسطيني، لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية، علما أن الغاية من المفاوضات التي ترعاها الولايات المتحدة هي إقامة دولة فلسطينية مستقلة على الأراضي التي احتلت العام 1967.
إن الموقف الأميركي ليس مستغربا فقط، وإنما مستهجن، ولا يمكن قبول أي تبرير، سوى أنها (الإدارة الأميركية) تكيل بمكيالين، وأنها راع غير محايد للمفاوضات التي أفشلتها إسرائيل، عندما قامت بتوسيع سياسة الاستيطان في القدس الشرقية وفي الضفة الغربية، مع أن الشرط الفلسطيني لاستئناف المفاوضات هو تجميد الاستيطان. إذ لم تحرك الإدارة الأميركية ساكنا بوجه الاستيطان الإسرائيلي المتزايد، وكان أقصى ما قامت به هو رفض الخطوة الإسرائيلية بأقل كلام، ومن دون حدة، وتركت السياسات الإسرائيلية العدوانية ضد الفلسطينيين تأخذ مداها، ما فجر المفاوضات وأوقفها.
الموقف الأميركي، واضح وضوح الشمس. وفي كل يوم، وفي كل محطة مفصلية يظهر التحيز الأميركي لإسرائيل، ولا تلتفت الإدارة الأميركية لكل الانتقادات التي توجه لها بهذا الشأن، وإنما تتمادى في حب إسرائيل والدفاع عن سياستها وترفض كل ما ترفضه إسرائيل حتى لو لم تكن مقتنعة به. ولذلك، فإن السؤال الذي يجب أن يوجه للسلطة الفلسطينية: لماذا مواصلة الثقة بالراعي الأميركي؟ ألا تكفي كل الشواهد على اعتباره راعيا غير مقبول؟ المطلوب، أن يتم التعامل مع الجانب الأميركي، كما الجانب الإسرائيلي كطرف واحد، فالجانبان يسعيان إلى حل القضية الفلسطينية على حساب الفلسطينيين، من خلال تحقيق الأهداف والمخططات الإسرائيلية. ولكن، من غير المتوقع أن تغير الآن السلطة الفلسطينية سياستها تجاه الإدارة الأميركية، فقد اعتمدت "السلطة" على أميركا كثيرا ودائما، ورغم أنها تقوم ببعض الخطوات التي لا ترغب فيها أميركا، كطرح مشروع قرار إنهاء الاحتلال على مجلس الأمن والتوقيع على طلب الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية، إلا أنها في النهاية ستنصاع للأسف لإرادة أميركا.
لن يصل الفلسطينيون كما تؤكد الشواهد لحل عادل لقضيتهم من خلال المفاوضات التي ترعاها أميركا والمجمدة حاليا، وإنما سيحققون هذه الأهداف بالمزيد من النضال والتصدي والمواجهة، والاعتماد على الذات وعلى الأشقاء والأصدقاء.
(الغد 2015-01-03)