هكذا علمنا التاريخ

قرأت التاريخ العربي مرتين ، مرة من اجل الامتحان في الجامعة ومرة اخرى في محاولة للفهم ، وفي المرتين اكتشفت ان التاريخ العربي الحقيقي المجيد بدأ بولادة الرسول العربي الكريم ، ونشر رسالته الخالدة التي كرست معاني الخير والايمان ، وكانت الحد الفاصل ما بين عصر الجهل والتيه والعصبيات والعنعنات القبلية وبين العصر الذي اعزّ العرب بالاسلام ونهض بالعرب ونقلهم من قبائل متحاربة ومجتمعات متناحرة متخلفة الى شعب متحد في اطار منظم شامل يؤمن بالرسالة السماوية ويعمل على نشرها بين الناس وعمادها الايمان بالله ورسوله ، ويسعى الى تكريس قيم الخير والاخلاق الحميدة وخلق المستقبل الافضل لكل الناس على قاعدة التسامح والتعددية وقبول الاخر .
واذا تركنا الجانب الروحي من عقيدة الاسلام الخالدة لرجال الفقه والفكر الديني ، وتوقفنا عند الوجه المضيء الاخر المتعلق بحياة الانسان ، نجد ان الاسلام ليس رسالة سماوية روحية فحسب ، بل هو الدين الوحيد الذي حمل الحلول للقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية ، واهتم بتنظيم المجتمعات واصلاحها ، كما جذّر مفاهيم العدالة والمساواة ، وكرّس المفاهيم الانسانية بكل دقة وصواب من اجل خير البشرية دون تمييز .
وبمناسبة مولد الرسول محمد خاتم الانبياء والمرسلين ، يجب ان نتوقف ونفكر ونقارن ونعرف أن من هذه المنطلقات جاءت عظمة الرسول ورسالة الاسلام الحقيقي ، ومن هذا الواقع التاريخي المميز بدأ بناء امة العرب والاسلام ، ولهذه الاسباب تم الاعتراف بان الرسول العربي الامين هو الاكثر تاثيرا في البشرية عبر التاريخ ، وهو القدوة لكل العرب والمسلمين .
ومن هنا ، كنا وما زلنا بحاجة الى التذكير ، وخصوصا في هذه المرحلة ، بضرورة الاهتداء بتعاليم الاسلام والاقتداء بالرسول الكريم ، والالتزام بالقيم العربية والاسلامية ، ووقف الاقتتال باسم الاسلام ، وعدم اغتيال الابرياء وذبح الاسرى ، وانتهاك حقوق الانسان ، أوالاضرار بممتلكات الناس ، والخروج من اسر الكراهية والحقد والانتقام ، والقبول بالعيش المشترك في المجتمع الواحد دون رفض الاخر او اقصائه على قاعدة الطائفة او العرق .
وبهذه المناسبة اريد الانتقال الى جانب آخر من التاريخ ، ليس العربي بل العالمي ، لأقول انني قرأت تاريخ اوروبا ، وبعدها تاريخ الولايات المتحدة الاميركية وقيام امبراطوريتها العسكرية والاقتصادية ، فاكتشفت ان هذا النهوض في بلاد الغرب تحقق بعد سلسلة من الاقتتال الاهلي والحروب الخارجية ايضا ، ولكنها انتهت بنهوض اقتصادي وحضاري وعلمي اسطوري تحقق بفضل فصل الدين عن الدولة ... هذه الدروس والعبر يجب ان نتعلمها من تاريخنا ومن تجارب الاخرين ايضا .
الراي 2015-01-05