المياه والتوجيهي.. وليست حربنا!

تم نشره الخميس 15 كانون الثّاني / يناير 2015 02:15 صباحاً
المياه والتوجيهي.. وليست حربنا!
ماجد توبة

منذ انطلاق حملات إعادة الهيبة للقانون وسيادته، ووقف التجاوزات الواسعة في بعض القطاعات الحيوية، وتحديدا على مصادر المياه وامتحان الثانوية العامة "التوجيهي"، لم تتوقف الضغوطات ومحاولات التعطيل لوقف مثل هذه الحملات، أو السعي إلى منح استثناءات لمتجاوزين على القانون، فيما لم تخلُ القصة أيضا من توجيه تهديدات، بل وارتكاب اعتداءات بحق منفذي القانون، كما جرى في ملف سرقة المياه!
خلال الأسبوع الماضي، "طرّز" نواب مذكرتين موجهتين للحكومة، تطالب الأولى، التي وقعها 21 نائبا، وزارة المياه بوقف ردم 200 بئر مياه مخالفة، بحجة أنها تسقي مزارع يعتاش منها مواطنون. فيما طالبت المذكرة الثانية، ووقعها نفس العدد تقريبا، وزير التربية والتعليم بتخفيض عقوبة الغش في امتحان "التوجيهي"، من الحرمان لعدة دورات إلى دورة واحدة فقط.
مذكرة عدم ردم الآبار جاءت بعد يومين من اعتصام نفذه أصحاب آبار أمام مجلس النواب، اعترضوا فيه على حملة وزارة المياه المشددة للحد من الاعتداءات على المصادر العامة، بما فيها الآبار الارتوازية.
وقد تبدو مبررات النواب الموقعين على المذكرتين، للوهلة الأولى، مفهومة من ناحية إنسانية واجتماعية. لكن عند النظر إليهما في سياق الضغوط الاجتماعية والسياسية والمجتمعية المتواصلة، منذ انطلاق حملتي المياه و"التوجيهي" قبل عامين تقريبا، فلا يمكن اعتبارهما مذكرتين مفهومتين. فالنواب، قبل غيرهم، مطالبون بدعم سيادة القانون، وتطبيقه، بل ومحاسبة الحكومة، ووزيري المياه والتربية، إن قصروا في تنفيذ القانون، وصمتوا على استمرار أي اعتداء مهما صغر.
بل وأكثر من ذلك، فإن المتابع لمناقشات النواب في أكثر من جلسة، حتى عندما كان الموضوع متعلقا برفع أسعار الكهرباء ومعارضته، كان يجد عددا من النواب يتسللون إلى الهجوم في كلماتهم على وزيري المياه والتربية، لالتزامهما بتطبيق القانون، ووقف الاعتداءات.
في قضية "التوجيهي"، تبدو حساسية مثل هذه المذكرات النيابية، في أنها قد تبعث برسائل خاطئة للمخالفين من طلبة وأهاليهم، تحديدا في بعض البؤر والمناطق التي ترفض التسليم بسيادة القانون وقداسة الامتحان. ولم تغب عن الأذهان بعد، صور الاعتداء على مراقبي توجيهي، وحتى رجال أمن ودرك، في بعض مراكز الامتحان، في مثل تلك المناطق. والمطلوب هنا تغليظ العقوبات لا تخفيفها، خاصة عندما يكون الموضوع مهما بحجم أهمية "التوجيهي" الذي تعرض قبل سنوات قليلة لاستباحة مخزية، وسط تهرب المسؤولين من مسؤولياتهم، وسكوتهم على خرق القانون بصورة فاضحة. أما في قضية المياه، فالأمر لا يقل خطورة وحيوية. فحجم الاعتداءات على مصادر المياه، وحجم تغول المتنفذين على حقوق الأردنيين، كل الأردنيين، كان كبيرا وفاضحا ايضا. وقد تكون الحسنة الوحيدة لأزمة تدفق اللاجئين السوريين خلال الأعوام الثلاثة الماضية، هي أن الحكومة اضطرت لعدم التهاون، والعودة إلى فرض القانون بالتصدي للاعتداءات على مصادر المياه، بعد أن تفاقمت الازمة المائية بصورة كبيرة، مع تدفق هؤلاء اللاجئين.
وما تكشفه أرقام الحملة المتواصلة لوزارة المياه يثير الفزع حقا. فحجم المياه التي سرقت واعتدي عليها من قبل متنفذين كبير جدا. وهي فضلا عن أنها أُخذت بصورة مخالفة للقانون وعلى حساب خزينة الدولة، فإنها أيضا اقتُطعت من حق المجموع العام للشعب الأردني، وكانت على حساب تلبية احتياجاته وحقوقه. قد نفهم أن يمارس المستفيدون من غياب القانون، والمعتدون على مصادر المياه، ومنتهكو حرمة "التوجيهي"، الضغوط والاعتصامات والتهويش على الحكومة، لأن مصالح مثل هؤلاء تضررت. لكن من غير المفهوم أن ينبري نواب أو أحزاب أو نقابات أو مسؤولون، لتبني قضية هذه الشريحة، بل إن المطلوب أكثر من ذلك، وهو تهديد الحكومة والوزراء المعنيين، بالمحاسبة إن هم تراجعوا عن إجراءاتهم القانونية في ضمان حق كل الأردنيين، والالتزام بتطبيق سيادة القانون.

(الغد 2015-01-15)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات