الرسوم المسيئة لرسول الله ضمن خطبة الاوقاف المقترحة لصلاة الجمعة
المدينة نيوز - نشرت وزارة الاوقاف محاور الخطبة المقترحة ليوم الجمعة ، وحملت عنوان " كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ " ، وتحدثت فيها عن الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم .
وتاليا محاور الخطبة :
• لقد أثنى الله تعالى على أمة الإسلام في العديد من آيات القرآن الكريم ومنها قوله عزَّ وجل : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ) سورة البقرة الآية ( 143 ) ، وقال تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) سورة آل عمران الآية ( 110 ) .
• لقد حقق الإسلام عبر التاريخ حضارة إنسانية راسخة راقية وشاملة أثْرَت العالم بالعديد من العلوم والمعارف والقيم والأخلاق ، وما زال يدعو إلى الانخراط والمشاركة في المجتمع الإنساني المعاصر والإسهام في رقيه وتقدمه ، وأن لا يعيش المسلمون بمعزل عن العالم والاستفادة من الثقافات المعاصرة وإنجازاتها العلمية المختلفة .
• من أهم عناصر الحضارة الإسلامية التي كان لها الأثر الكبير في انتشار الإسلام وقبوله في المجتمعات المختلفة هي القيم والأخلاق التي هي سمة هذه الأمة ، فقد كان للرفق والسماحة والكلمة الطيبة والإحسان إلى الناس والرحمة بهم وغير ذلك من الأخلاق الحميدة ، الأثر القوي في انتشار الإسلام في ربوع المعمورة ، حيث روى لنا التاريخ أن كثيراً من الشعوب في جنوب آسيا، كشعوب الفلبين وماليزيا وأندونيسيا وغيرهم، إنما دخلوا في الإسلام نتيجة احتكاكهم بالمسلمين، وتعرفهم على أخلاقهم الفاضلة التي كانوا يتعاملون بها معهم، مما جعلهم يتأثرون بأخلاقهم .
• تتعرض الأمة الإسلامية بين فترة وأخرى لحملات في بعض الدول الغربية تنال من دينها ومن رسولها صلى الله عليه وسلم بحجة حرية التعبير ، وإن إطلاق هذه الحرية بلا ضوابط تشكل حالة من الفوضى ، فليس من المنطق اعتبار المس بنبي أو دين حرية رأي بينما يعتبر التعرض لليهود أو الهولوكوست معاداة للسامية ، فيراعى شعورهم ولا يراعى شعورنا نحن المسلمين عندما ينال من ديننا ونبينا صلى الله عليه وسلم ، وهل يعقل أن يكون شتم شخص خرقا للحرية والقانون بينما الاستهزاء بنبي أو دين حرية رأي ، وإننا في الوقت الذي نؤكد فيه على أن مثل هذه التصرفات لا تعتبر مبررا للإرهاب والتطرف ، إلا أنها توفر بيئة خصبة للإرهاب المسلح الدموي ، وهذا يدعو الجميع إلى أن الحرية الفكرية هي حق يجب ممارستها بعيدا عن المس بالدين والأنبياء أو الآخر .
• تقترف بحق الشعوب العربية والإسلامية خروقات تتنافى مع حقوق الإنسان وقيم العدالة ، وما يرافقها من سكوت غير مبرر على جرائم ومذابح ترتكب بحق مسلمي إفريقيا الوسطى وبورما والممارسات العدوانية الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني ، وإن أراد العالم مكافحة الإرهاب والتطرف فعليه بالعدل والوقف عن الكيل بمكيالين ؛ حتى لا يكون ذلك الجور والظلم سببا في انتشار التطرف والإرهاب الذي نشارك العالم في حربه والتصدي له .
• لقد ظهرت في الآونة الأخيرة بعض المجموعات التي تتدعي انتسابها إلى الإسلام وصدر عنها بعض الممارسات التي يرفضها الإسلام وليست من قيمه ولا أخلاقه ، مما أسهم في تشويه الصورة النقية المشرقة للإسلام ، وقد جاء في الحديث الشريف : ( أنت على ثغرة من ثغر الإسلام فلا يؤتين من قبلك ) ، وإننا نقول لمنفذي جريمة الاعتداء على الصحيفة الفرنسية إن النتيجة المباشرة لما قمتم به من عدوان وارهاب أنكم ورطتم الدين الإسلامي وأهله بهذه الجريمة ، وهذا يدعونا كمسلمين أن نتبرأ من هذه الممارسات العدوانية ومن تلك المجموعات المشبوهة التي صنعها أعداء الإسلام باسم الإسلام والدفاع عنه ، وينبغي علينا أن نتنبه لهذه المؤامرة التي تحاك بأيدي خفية ، وأن نكون على وعي بأن تلك الجرائم التي ترتكب باسم المسلمين لا تجني على أمتنا إلا المزيد من العداء ، ألم نأخذ درساً من أحداث الحادي عشر من أيلول لعام ألفين وواحد حيث دفع المسلمون ثمن ذلك العمل الإرهابي فاندلعت حروب أسقطت أنظمة وأرست احتلالا .. وها هي تلك الصحيفة التي كانت توزع نسخها بعشرات الآلاف أصبحت توزع بملايين وكان هذا العمل الآثم سببا في انتشارها ورواجها على مستوىً دولي .
• يوجهنا ديننا الحنيف إلى التعقل وعدم التسرع في الأمور كلها وعدم الوقوع في التصرفات الارتجالية القائمة على ردود الأفعال ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) ، ذلك أن التسرع يؤدي إلى الطيش في التصرف وإضاعة الحق .
• تقتضي بعض المواقف والأحداث التعقل والحكمة في التصرف بما يحقق المصلحة العامة للدين والأمة واتخاذ الإجراء المناسب بوعي ، ذلك أن من أهم ضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي أقرها العلماء : ( أن إنكار المنكر إذا أدى إلى منكر أكبر، أو إلى مفسدة اعظم، فإنه لا يجوز الإنكار ) ، وقد بين الله تعالى ذلك في القرآن الكريم من خلال قوله جلَّ وعلا : ( وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ) سورة الأنعام الآية ( 108) ، فنهى الله تبارك وتعالى عن شتم المشركين ؛ لأن ذلك يؤدي إلى أن يتجرأ المشركون فيسبوا الله عز وجل .
• في الوقت الذي نستنكر ونستهجن تلك الإساءات الصادرة من بعض وسائل الإعلام الغربي بحق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، ونعتبر هذا التصرف فعلا متطرفا يتنافى مع القيم والأخلاق وما دعت إليه الرسالات السماوية من التسامح والاعتدال ، نؤكد على أن الرد على مثل هذه التصرفات لا يكون بطريقة فردية ارتجالية غير واعية وغير مدروسة يرافقها غياب فقه الواقع الواعي ، بل ينبغي أن يتجلى الرد من خلال وعي العلماء وحكمة أولي الأمر في بلادنا ، ومراعاة مصالح المسلمين والدعوة الإسلامية في الدول الغربية ، وقد جاء في القرآن الكريم ما يبين أن الله تعالى لم ينزل عذابه على الكافرين في مكة المكرمة بسبب وجود بعض المؤمنين يعيشون بينهم ، فقال تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً (24) هُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً (25) ) سورة الفتح ، فحفاظا على حياة ومصلحة بعض المؤمنين اقتضت حكمة الله تعالى رفع العقاب عن الجميع .
• ومن شواهد مراعاة المصلحة العامة في معالجة بعض المواقف السلبية ما جاء في السيرة العطرة والأحاديث الشريفة من مواقف عديدة ظهر فيها إيذاء المشركين والمنافقين لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يرد النبي صلى الله عليه وسلم بطريقة وحشية عنيفة لا تفرق بين بريء ومدان ، بل كان يحاور ويجادل بالتي هي أحسن ويعفو ويصفح ويقول لعل الله يخرج من أصلابهم من يعبده لا يشرك به شيئا ، ويقول اذهبوا فأنتم الطلقاء ، ومن تلك الموافق التي تعامل فيها النبي صلى الله عليه وسلم بحكمة ما قاله زعيم المنافقين عبد الله بن أُبي وبما سجله عليه القرآن الكريم : (يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ ) سورة المنافقون الآية (8) ، حيث أشار بعض الصحابة على النبي صلى الله عليه وسلم بقتل عبد الله بن أُبي ، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وقال : ( حتى لا يقال بأن محمداً يقتل أصحابه ) ، وقال أيضا : ( بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا ) . وقد تبين للصحابة رضي الله عنهم فيما بعد أن هذا التصرف من النبي صلى الله عليه وسلم قد حفظ المجتمع من فتنة كبيرة وخلاف ، كما أدى من ناحية أخرى إلى اعتزال الناس عن عبد الله بن أُبي ووقوعه في الحرج حيث أخذ قومه يلومونه على ما صدر منه تجاه النبي صلى الله عليه وسلم .. وإن أما المسلمين أكثر من وسيلة للرد على ما يتم توجيهه من إساءة بحق ديننا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم من خلال توجيه الدعوة إلى الله تعالى وتعريف الآخرين بحقيقة ديننا وسماحته وبأخلاق النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، ومن خلال الحوار واستثمار القنوات الدبلوماسية والضغط على الحكومات التي تسمح بالتعدي والإساءة .