على الشجرة من جديد

صعد النواب والحكومة على الشجرة، من جديد، بفضل ملف أسعار الكهرباء، وقد صعّب النواب هذه المرة على انفسهم خطوة التراجع، فقد وقّع 25 نائبا مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة، إن استمرت في قرار رفع أسعار الكهرباء، كما وقّع 18 نائبا استقالة جماعية قبل ذلك بسبب الغاز الاسرائيلي.
التطور اللافت يأتي في البيان الذي وقعه الائتلاف النيابي، الذي يضم 82 نائبا، برفض رفع أسعار الكهرباء قبل أن تصل اللجنة المشتركة لدراسة القرار إلى أية توصية، وفيه قطع للطريق إزاء اي تفاهم جديد بين الحكومة والنواب في القرار.
حتى الآن هناك اختلاف حول تحديد مرجعية الائتلاف، هل هو "حديقة خلفية للحكومة" كما قال احد الصحافيين، أم هو امتداد لتأثير مباشر لرئيس مجلس النواب وكتلته الأكبر، أم هو الأقرب إلى مرجعيات سيادية أخرى؟.
في التوجّه الجديد استطاع الائتلاف أن ينفي طبيعة العلاقة بينه وبين الحكومة، فهو الآن في مواجهتها، وعلى المكشوف، ولا يستطيع أن ينقلب على نفسه، إن أصرت الحكومة على قرار الرفع، فعندها سوف تكون المواجهة حاسمة.
وإن كان أقرب في وجهات نظره إلى مرجعيات أخرى، فإن البيان يكشف عن رأي تلك المرجعيات وعدم موافقتها على توجهات الحكومة وقرارها، وهذا يشي باحتمالات أصعب، أقلّها أن دعم تلك المرجعيات للحكومة قد رُفع، ما يرفع صدقية المعلومات المتداولة عن تغيير وزاري في القريب العاجل، يُلغي تسريبات التعديل الوزاري الموسّع.
اذن، نحن الآن في وضع صعب للغاية، وقد تجاوز الأمر قرار رفع أسعار الكهرباء، واذا كانت الروزنامة الزمنية مضغوطة ولا تسمح باجراء تغيير وزاري محتمل، فإن أي تعديل على الحكومة، لن يمنحها عمرا طويلا يتجاوز عمر حكومة سمير الرفاعي بعد التعديل والحصول على 111 صوتا، اذ تم ترحيلها بعد 40 يوما من التصويت.
الحكومة من طرفها لم تبد أية نوايا للتراجع عن قرارها، الذي أعلن أكثر من نائب ومسؤول واعلامي أنه مُتّخذٌ وبدأ تنفيذه منذ اليوم الاول من العام الجديد.
السيناريو المتوقع في الايام المقبلة يكشف عن أن لا خيار امام الحكومة إلّا التراجع عن القرار، أو في الحد الادنى التفاهم على تخفيض الرفع إلى النصف، لأن تراجع الحكومة أقل ضررا من النواب الذين لا يستطيعون بأي شكل من الاشكال التراجع عن مواقفهم الرافضة لرفع أسعار الكهرباء حتى لو وصلت الحال الى حل المجلس.
يوم الاثنين تجتمع اللجنة المشتركة مع الحكومة، وقد نصل الى جلسة لحجب الثقة في الاسبوع المقبل، عندها لن تستطيع الحكومة استخدام وسائل الضغط المعتادة على النواب، لان قرار رفع أسعار الكهرباء لا يؤيده بعض المرجعيات الاخرى، وسوف يكون سقوط الحكومة في جلسة حجب الثقة أمرا متوقعًا.
النواب والحكومة صعدا من جديد وللمرة الرابعة على الشجرة، بانتظار منقذ يستطيع ايجاد حل للازمة التي تتدحرج بسرعة، وقد تُعطّل إقرار الموازنة، او على الأقل تأخيرها، واستخدامها ورقة ضغط، لكن السيناريوهات قد تتغير جميعها، وقد يتم تمرير الموازنة خلال أيام، اذا وصلت للنواب إشارات واضحة حول قرار رفع أسعار الكهرباء، ومستقبل الحكومة.
(العرب اليوم 2015-01-18)