ما قل ودل عن مغامرة نتنياهو الأخيرة
لم اتفاجأ من المغامرة العسكرية أمس (18-01-2015) لحكومة نتنياهو ضد حزب الله، كنت اتوقع ان احتدام المعركة الانتخابية في اسرائيل سيدفع هذه الحكومة الفاقدة لتوازنها السياسي الى مغامرة عسكرية جديدة في سوريا يعزز فيها نتنياهو "شخصيته الأمنية" حتى على حساب سقوط ضحايا من المدنيين او العسكريين الاسرائيليين، وتبرزه كسياسي "قوي وصلب" في مواجهة التحديات السياسية لدولة اسرائيل.
المفاجأة هو اختيار دورية لا تشكل خطرا عسكريا مثل قوافل الصواريخ مثلا. حزب الله في سوريا يقاتل ضد داعش اساسا. هل اسرائيل خائفة من قتاله لداعش؟ الا يخدم هذا القتال ضد داعش مصالح الأمن الاسرائيلي، وأمن الشرق الأوسط على المدى البعيد؟
ما الدافع لنتنياهو لهذه المغامرة التي لا احد يعرف النتائج المترتبة عليها؟
فقط الأغبياء يظنون ان اسرائيل سجلت هدف الفوز وانتهت اللعبة.
هل تعريض امن المواطنين في الشمال وخلق توتر أمني مكلف جدا ومقلقا للمواطنين داخل الخط الأخضر هو ضمن التفكير السياسي السليم ؟
اليست هذه اشارة الى فقدان الوعي لحكومة فقدت أي حق لها ، سياسي او اجتماعي بمواصلة قيادة شعبها من أزمة الى أزمة؟
هل تظن انها بذلك ستسقط التسونامي العالمي المنتظر بعد الانتخابات بفرض معظم دول العام لعقوبات اقتصادية ومقاطعة على اسرائيل نتيجة سياستها الاحتلالية؟
حتى جنرال سابق (غالنت) الذي كان مرشحا لمنصب قائد الأركان للجيش الاسرائيلي ، لمح الى علاقة المغامرة العسكرية لحكومة نتنياهو بالمعركة الانتخابية داخل اسرائيل.
الآن ستقول امريكا ان اسرائيل تدافع عن نفسها.. الإسطوانة المملة التقليدية. تدافع عن نفسها من حزب يقاتل حاليا ضمن قوة دولية لها هدف تصفية تنظيم ارهابي يشكل خطرا على الشرق الوسط والعالم كله. تماما كما دافعت عن حق اسرائيل بارتكاب جرائم حرب في غزة بحجة انها تواجه صواريح حماس.. طبعا غزة غير محاصرة، بحصار أسوأ الف مرة من الاحتلال المباشر، وسكانها ما شاء الله العالم مفتوح امامهم وهوايتهم اطلاق الصواريخ على اسرائيل التي تزودهم بالنفط والغاز والطعام!!
لا يوجد حصار الا في عقول الفلسطينيين.
اسرائيل تدافع عن نفسها ضد السلطة الفلسطينية التي ذهبت الى المحكمة الدولية في هاج.. بعد ان تبين ان اسرائيل لن تتحرك عن مواقفها الاحتلالية والاستيطانية .. ابو مازن ليس رجل سلام لأنه لا يعترف بحق اسرائيل باستيطان كل فلسطين، وحقها ان تمارس القتل اليومي ضد الانسان الفلسطيني وضد اشجاره المثمرة، وان تصادر ما يحلو لها من اراض ، وان تبني الأسوار العازلة التي حولت البلدات الفلسطينية الى شبة سجون كبيرة. كذلك يصر ابو مازن ان لا يعترف بيهودية الدولة واسقاط حق حتى المواطنين الفلسطينيين داخل اسرائيل من أي حقوق قومية.
المقلق ان دولا عديدة لا يمكن اتهامها بالغباء تتصرف وكان الجميع على ضلال الا حكومة اسرائيل . المقلق اكثر ان عالمنا العربي صامت صمت أهل القبور، لا ينبس ببنت شفة لجعل المواقف المعادية للشعب الفلسطيني التي تغرد بها واشنطن وكندا وقبيلة ميكرونيزيا العظمى تكون اكثر حذرا وتوازنا ولا اقول تخرسها.
سلسلة تصرفات اسرائيلية وتغطية من دولة عظمى وملحقاتها، لا يمكن الا ان تكون مركبا كارثيا لكل الشرق الوسط، لا اتجاهل ان تنتقل المواجهات مع حزب الله او تنظيمات أخرى الى خارج منطقة الشرق الوسط بعد المغامرة الأخيرة بقتل قادة من حزب الله.
عندها سينطلق الصراخ عن اللاسامية التي تزداد انتشارا في العالم... طبعا اسرائيل المسالمة لم ترتكب أي حماقة!!
اسرائيل الرسمية ، وسائر المعلقين السياسين والأمنيين يعترفون ان حزب الله (وايران ايضا) غير معني بحرب ضد اسرائيل، لماذا هذا الجنون لدفعه لرد الفعل؟
اسقاط هذه الحكومة المغامرة ليس مصلحة للمواطنين الاسرائيليين فقط، بل مصلحة دولية لأمن الشرق الأوسط خاصة والعالم كله عامة !!
nabiloudeh@gmail.com