القبر منزل يتساوى فيه الجميع
عندما يموت ملك أو رئيس أو حاكم, أو مليونير أو صاحب جاه وسلطان وقوة، ماذا يأخذ معه إلى القبر، هل يزيد أو ينقص عما يأخذه معه أي فقير أو معدم أو مضطهد في هذا العالم عندما يموت!
يموت الآلاف مع رحيل الملك أو المليونير، من بينهم عمال بسطاء ومزارعون ورعاة غنم وعاطلون عن العمل وموظفون صغار وعبيد وخدم وضحايا الحروب العبثية، وربما يموت ضحايا لهذا الحاكم أو الثري أو صاحب النفوذ في نفس لحظة وفاته، وجميعهم أي الملك وعامة الناس، يلفون بشاش أبيض ويوضعون في قبر مساحته لا تزيد على مترين طولا و متر واحد عرضا.
صاحب الجاه والسلطان تكتب فيه كلمات الرثاء وتنشر الصحف نعيه مؤكدة على أخلاقه ودوره الإنساني وإنجازاته وسيرته الحسنة، ويبكيه الأقربون المنافقون، الفقير حين يموت لا يذكره أحد وإذا ذكر، ذكر معه فقره وقلة حيلته وهوانه على الناس، والبؤس الذي تركه لورثته ولآل بيته.
لكن في الحالتين، أي في حالة صاحب الجاه، وفي حالة الذي لا حول له ولا قوة، فإن الشخص المسجى في كفنه أو الذي يحثو المشيعون التراب على قبره، لا يعلم شيئا عما يقال عنه من كلام حسن أو كلام سييء، وإذا علم فهو لا يملك ضرا ولا نفعا لمن يقول الكلام العذب أو الكلام المسيء عنه.
كم ارتكب الإنسان من الحماقات على مدى تاريخه الطويل، بدءاً من التمرد والعصيان الأول الذي قام به إبليس الرجيم، وأول عملية قتل في تاريخ البشرية التي ارتكبها قابيل ضد أخيه هابيل، وانتهاء بموجات من الحروب وعمليات القتل والسلب والاستعباد!
من أجل ماذا؟ :السلطة والنفوذ، المال والجاه، التفاخر والتكاثر في الأموال والأولاد، والقصور والحشم والخدم؟ وفي النهاية ماذا أخذوا معهم؟، أين هم الآن؟، أين هي ممالكهم وقصورهم وأولادهم؟، أين هي سلالة الاسكندر المقدوني ويوليوس قيصر وهنيبعل؟.
لا شيء يستحق القتل واضطهاد الإنسان من أجله طالما أنه زائل وذاهب إلى حفرة مساحتها متران في متر.
(السبيل 2015-01-25)