معنى أن «يأتلف» فلسطينيو «48»!

تم نشره الإثنين 26 كانون الثّاني / يناير 2015 01:51 صباحاً
معنى أن «يأتلف» فلسطينيو «48»!
محمد خروب

ما كان مستحيلاً حدوثه، بات الان في خانة اليقين.. قائمة عربية موحدة تخوض انتخابات الكنيست التي تحمل الرقم (20) منذ قيام دولة العدو الصهيوني على ارض فلسطين، فما الجديد الذي يمكن ان تأتي به قائمة كهذه، تضم خليطاً او خلطة من الطيف السياسي متعدد الالوان والاتجاهات والمرجعيات التي باتت تهيمن على المشهد السياسي والحزبي في الاراضي الفلسطينية ضمن الخط الاخضر من شيوعيين (عرباً ويهوداً) الى اسلاميين (الجناح الجنوبي وليس الشمالي الذي يقوده رائد صلاح والرافض لأي مشاركة في انتخابات اسرائيلية)، الى حزب التجمع الذي كان يقوده د.عزمي بشارة الى ما قبل خروجه ومباشرة جمال زحالقة قيادة التجمع، وقائمة رابعة يرأسها الدكتور احمد الطيبي تحت عنوان العربية للتغيير؟
سؤال يستبطن الكثير، ليس فقط في قدرة قائمة كهذه على جذب اكبر عدد من المقترعين العرب، بما يضمن، وكلما زادت نسبة المقترعين، حصول القائمة «الموحدة» على رقم قياسي وغير مسبوق من المقاعد والتي يمكن ان تصل الى خمسة عشر مقعداً (فيما لم تزد مقاعد القوائم العربية المنفردة عن 12 مقعدا أي 10% من عدد مقاعد الكنيست البالغة (120) مقعدا، ما أبقاهم جميعا خارج دائرة التأثير، اللهم إلاّ في حال حكومة رابين قبل اتفاق اوسلو عندما لم تتوفر هذه الحكومة على اغلبية إلاّ بعد تأمين النواب العرب لها «مظلة» من خارج الحكومة وصلت الى «61» صوتا، الامر الذي عابه كثير من المتطرفين اليهود على «رابين» الذي استند الى العرب (..) للبقاء في الحكومة.
الأمر مختلف هذه المرة.. صحيح ان القوائم العربية (اقرأ الاحزاب والتحالفات) ما كان لها ان تلتقي على هذا الشكل، إلاّ بعد رفع نسبة الحسم والتي اصبحت في الكنيست الجديدة 25ر3% بعد ان كانت 5ر2% وكان وراء اقرار هذا القانون حزب اسرائيل بيتنا بزعامة افيغدور ليبرمان الذي اراد اقصاء «العرب» عن الكنيست، لأن قائمة واحدة كان بامكانها أن تمر وهي الجبهة الديمقراطية للسلام والسلام التي يقودها الحزب الشيوعي الاسرائيلي (راكاح)، اما غيرها فكان سيندثر كما هي حال القوائم اليهودية الصغيرة ضعيفة التأثير والشعبية.
الا انه صحيح ايضاً، أن مجرد نجاح قادة هذه الاحزاب والقوائم في تجاوز خلافاتهم وهي كبيرة او لنقل متضخمة وشخصية وتنمو على ثقافة تصفية الحسابات والكراهية، اكثر مما تنشأ عن خلافات سياسية او ايديولوجية او برامجية, كما رأينا مثلاً وفي شكل متكرر في انتخابات بلدية الناصرة الأخيرة التي جاءت على رأس بلديتها بشخصية مثيرة للاشكال (حتى لا نقول مشبوهة) فقط لأن التحريض وصل أوجه، ضد رئيس بلديتها النشط والجماهيري رامز جرايسة، لانه من قيادة الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة.. «فقط».
نقول: إن مجرد النجاح في تجاوز الخلافات، يعد انجازاً كبيراً بعد ان تقدمت الاجندة الوطنية والحسّ الوطني ورد الفعل الغاضب على التهميش والعنصرية الذي كانت الكنيست المنحلة (التاسعة عشرة) قد اكدته عبر سنّ اكثر القوانين عدداً وعنصرية في تاريخ اسرائيل، من قانون القومية الى قانون النكبة الى الخدمة العسكرية ثم السكن, الامر الذي فاجأ الجميع داخل الوسط العربي وداخل الاوساط الصهيونية، الذين راهنوا على ان الذي بين العرب «في اسرائيل» من الخلافات ما لا يمكن جسره او تجاوزه, فاذا بنا امام صيغة مبتكرة وابداعية لافتة، استطاعت الاحزاب العربية انضاجها وإخراجها الى العلن, ما اثار موجة من الارتياح والترحيب في الاوساط الشعبية التي كان اليأس والاحباط قد اصابها, بعد ان ضاعت كل دعوات الالتقاء على قائمة واحدة تحصد المزيد من المقاعد وفي الأساس ترفع من قيمة ومكانة «الصوت» العربي في الدولة الصهيونية العنصرية.
أياً كانت صيغة الاتفاق وبخاصة في التبادل «النصفي» بين الاحزاب المؤتلفة «كل سنتين» في مقاعد الكنيست، فإن التجربة «الاولى» في هذا الاتجاه تكتسب اهمية اضافية, يمكن الاستفادة من دروسها ومن نتائجها، ايجابية كانت أم سلبية، ولم يكن انضمام ابراهام بورغ لعضوية الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، سوى اشارة واضحة على امكانية الالتقاء بين الاحزاب العربية، اذا كان رئيس الكنيست السابق وابن مؤسس ورئيس حزب المفدال الصهيوني المتشدد يوسيف بورغ، قد وجد ضالته في حزب شيوعي عربي يهودي, الأمر الذي يعني أن الخلافات بين «العرب» في اسرائيل، لم تكن على تلك الحدة والعمق، يحول دون «تجميدها» والتوافق حول المشتركات والجوامع.
جملة القول: ان عدم «اتحاد» او ائتلاف القوائم العربية في الماضي كان له ما يبرره لأن «الجميع» كان بمقدوره ان يعبر عن نفسه وبرامجه ويتنافس عليها، اما وقد تم التضييق على فلسطينيي 48 بهدف اخراجهم (المادي والمعنوي) من «اسرائيل»، حتى وهم يشكلون 20% من تعداد سكان هذه الدولة العنصرية, فإن توفر قيادات عرب 48 على وعي عميق بما يتهدد هويتهم وتاريخهم وأرضهم, كفيل بأن يُسهم في صد هذه الهجمة العنصرية والبناء على الانجازات والنجاحات القادمة.. بالتأكيد.

(الرأي 2015-01-26)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات