اختبار الأيام الصعبة

تم نشره الأحد 01st شباط / فبراير 2015 01:37 صباحاً
اختبار الأيام الصعبة
فهد الخيطان

التطورات في قضية الطيار معاذ الكساسبة الرهينة لدى تنظيم داعش مفتوحة على كل الاحتمالات، في كل لحظة يمكن توقع تطور جديد، يقلب التوقعات، أو يعززها. والتوقعات تتراوح بين احتمالات الحسم السريع، وعودتها إلى المربع الأول، وبالتالي استمرارها إلى أمد أبعد في المستقبل.
لكن الأيام الثلاثة الماضية كانت دراماتيكية بالفعل، بلغت فيها الأزمة ذروتها. وكانت تلك الأيام الصعبة والثقيلة بمثابة تمرين حي لاختبار مدى صلابة الجبهة الداخلية وتماسكها. فكيف كانت النتائج؟
كشفت الأزمة أن لدى الأردنيين مخزونا كبيرا من المشاعر الوطنية والإنسانية، تجلى في حملات التضامن مع الطيار وعائلته، ومع الدولة في مسعاها لتخليص معاذ من أيدي "داعش".
في الساعات القليلة التي أعقبت الإنذار الأول كان موضوع الطيار الكساسبة البند الوحيد على أجندة كل مواطن أردني؛ أينما ذهبت وبمن التقيت لا تسمع حديثا في موضوع غير قضية معاذ.
على المستوى الرسمي عمل المئات من المسؤولين على مختلف المستويات السياسية والعسكرية والأمنية والإعلامية على مدار الساعة ضمن ما بات يعرف بخلية الأزمة. كان كل شيء يوحي بأن البلاد موحدة خلف هدف واحد ومستعدة لمواجهة كل الاحتمالات.
لكن تمرين "معاذ"، إذا جازت لنا هذه التسمية، أظهر عديد الثغرات، بعضها يعود إلى ما قبل حادث سقوط الطائرة الأردنية، ووقوع قائدها رهينة في يد "داعش". وأعني قرار دخول الأردن في التحالف الدولي لمحاربة "داعش". لقد كشفت سجالات الأيام الثلاثة أن الدولة لم تهيئ الرأي العام لدخول الحرب، ولم تبذل ما يكفي من الجهد السياسي والإعلامي لتقبل فكرة المشاركة في العمليات الحربية، وما يترتب عليها من خسائر. كما أنها لم تعرض رواية متماسكة تبرر هذه المشاركة، رغم أن مثل هذه المبررات متوفرة وبقوة، لكننا افتقرنا للقدرة السياسية والإعلامية على عرضها بشكل مقنع.
بعد اعلان "داعش" مهلة الساعات الأربع والعشرين الأولى، بدا وكأن المسؤولين قد فوجئوا بالخطوة. وقد ظهرت علامات الارتباك على أداء مختلف الجهات الرسمية ليلتها، قبل أن تعود وتمسك بزمام المبادرة من جديد. ومن مظاهر الارتباك غياب الخطوات المنسقة، وعدم جاهزية الردود التي تجيب عن أسئلة الشارع، ما وضع الدولة في دائرة الاتهام والتقصير لبعض الوقت.
قضية الرهينة الياباني وضعتنا في موقف محرج، كان على الأجهزة المختصة أن تتنبه له مبكرا، ولاتسمح بفتح غرفة عمليات يابانية في عمان. الإعلان عن إدارة مفاوضات الإفراج عن الرهينتين اليابانيين "قبل أن يقتل داعش الأول" من عمان هو الذي أوحى لقيادة "داعش" بربط مصير الثاني بمصير معاذ.
في اليوم التالي تحكّم الأردن بالرواية الإعلامية على نحو أفضل، لكن غياب المتحدثين الرسميين عن وسائل الإعلام باستثناء وزير الإعلام الذي عمل بهمة عالية، منح بعض الأصوات المشاكسة فرصة لملء الفراغ.
البيانات الرسمية كانت مقتضبة بشكل مبالغ فيه، والمعلومات فيها شحيحة، في وقت كانت فيه مواقع التواصل الاجتماعي تعج بالإشاعات والاكاذيب. واللافت هنا ميل قطاعات واسعة من الرأي العام لتصديق هذه الاكاذيب. لاشك أن لذلك علاقة بأزمة الثقة المتأصلة بين مؤسسات الدولة والمجتمع. لكن الأزمة كانت مناسبة لتجسير هذه الفجوة. لقد حصل تطور إيجابي في هذا المجال، لكن بعد يومين استفحلت فيهما الأكاذيب.
ليس مطلوبا أبدا أن تصبح مؤسسات الدولة أسيرة أزمة واحدة، لكن قضية الطيار الأردني تجاوزت هذا الوصف، وتحولت إلى مسألة وطنية بامتياز، حَسمها لمصلحتنا يتوقف على طريقة إدارتها.

(الغد 2015-02-01)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات