الملك : النصر على داعش يتطلب مساهمة الجميع
المدينة نيوز :- أكد جلالة الملك عبدالله الثاني أن المجتمع المسلم هو الهدف الرئيسي من الحرب التي يشنها الإرهابيون المتطرفون في الشرق الأوسط "والتي تقع بلادي على خطوطها الأمامية. وقد شهدنا قبل أيام قليلة عملية القتل الوحشية الهمجية لبطلنا الطيار المقاتل الملازم معاذ الكساسبة، رحمه الله، على أيدي تنظيم داعش الإرهابي الإجرامي. وقد توحد الأردنيون، على إثر ذلك، في حزنهم وغضبهم، وهم على عهدهم دائما، ملتزمون بحماية وطنهم ودينهم".
واعتبر جلالته، في كلمة ألقتها نيابة عنه سفيرة الأردن في الولايات المتحدة الدكتورة علياء بوران، اليوم الخميس، في واشنطن، خلال لقاء سنوي ضم رجال دين وقيادات سياسية واقتصادية أمريكية وعالمية بارزة أن "الأحداث المأساوية التي يشهدها الشرق الأوسط أثبتت من جديد أن تهديد الإرهاب يطال العالم كله. فهؤلاء المجرمون يسعون للقضاء على الحياة والاعتداء على الحقوق في كل مكان: وقد امتد حقدهم وإجرامهم إلى آسيا وأوروبا وأفريقيا وأمريكا وأستراليا. إنهم يبغون من خلال قتل سجنائهم وأسراهم إلى جعل كل أسرة في العالم رهينة لوحشيتهم وهمجيتهم".
وقال جلالته "هذه حرب لا يمكن للعالم أن يتحمل خسارتها، لكن النصر فيها يتطلب مساهمة الجميع، وأن نقف شركاء في حربنا ضد ما يهددنا، وأن نتجاوز ذلك إلى إيجاد الظروف الملائمة لعيش البشر معا في سلام ووئام".
وأوضح جلالته "نحن فعلا مدعوون للحوار، ونحن فعلا نجتمع اليوم من أجل خير العالم. وبهذه الروح، استقبل الأردن قداسة البابا عندما أدى الحج للأراضي المقدسة العام الماضي. ويرحب العالم الإسلامي بالتصريحات التي صدرت عن قداسته رفضا لإهانة الأديان والسخرية منها. واسمحوا لي أن أقول إنني أقف مع قداسته موقفا واحدا في التزامنا بالاحترام المتبادل".
وقال جلالته "تعلمت منذ طفولتي أن ديني يفرض علي احترام الأخرين والاهتمام بهم. ومن بين أسماء الله الحسنى الرحمن الرحيم، ويقول النبي محمد، صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، وهذا هو معنى أن يكون المرء مسلما.
وأضاف جلالته في الكلمة "أنا هاشمي النسب، سليل النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وقد علمني والدي الملك الحسين، رحمه الله، شعائر العبادة ومبادئ الشجاعة الأخلاقية والعدل والإخاء. لقد كان جنديا يؤمن بالسلام، وأنا كنت وما زلت جنديا يؤمن بالسلام. وهذا هو معنى أن يكون المرء مسلما، وهذه هي القيم التي أربي أولادي عليها، وسوف يعلمونها لأولادهم وأولاد أولادهم".
وبين جلالته "لأكثر من ألف سنة سبقت اتفاقيات جنيف، كان الجنود المسلمون يتلقون أوامر بعدم قتل طفل أو امرأة، أو طاعن في السن، أو قطع شجرة، أو التعرض لراهب، أو تدمير كنيسة. وهذه هي قيم الإسلام التي تعلمناها في المدرسة ونحن صغار: لا لتدمير أو تدنيس أماكن العبادة".
وقال جلالته "يتملكني الحزن والغضب وأنا أتذكر الهجمات الأخيرة في بعض البلدان ضد المسيحيين والأقليات. فبالإضافة إلى أنها جريمة ضد الإنسانية، فإنها جريمة ضد الإسلام كذلك. فالمسيحيون العرب هم جزء لا يتجزأ من ماضي منطقتنا وحاضرها ومستقبلها. والقرآن الكريم يحرم الإكراه في الدين، ويدعو إلى الرحمة".
وأشار جلالته إلى أنه في العصر الإسلامي المبكر، أي قبل 1400 سنة، قامت المملكة المسيحية في الحبشة باستقبال وحماية المسلمين الهاربين من الاضطهاد. "ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم، تعززت في عالمنا مبادئ الاحترام والتضامن والتعاون المتبادل".
وأضاف جلالته "الأردن بلد مسلم يعيش فيه مجتمع مسيحي له جذور ضاربة في عمق التاريخ. ويشكل الشعب الأردني بمجمله مجتمعا لا يقبل القسمة، أفراده شركاء في بناء الوطن، حيث الإجماع والتسامح والاعتدال وسيادة القانون تجعل من المملكة واحة للاستقرار، وهي نفس القيم التي سوف تضمن لنا المستقبل الأفضل".
وأكد جلالته "أن الأردن يأخذ على محمل الجد التزاماته الأخلاقية تجاه للآخرين. فعلى الرغم من الموارد الشحيحة، فتح الشعب الأردني ذراعيه لاستقبال اللاجئين الفارين من العنف في المنطقة. وقد استقبلت المملكة عددا كبيرا من المسيحيين العراقيين منذ هجمات داعش التي استهدفتهم، بالإضافة إلى توفير المأوى لـ 4ر1 مليون لاجئ سوري. وقد حولت الأزمة السورية بلدي إلى ثالث أكبر مضيف للاجئين في العالم".
وقال جلالته "في جميع أنحاء العالم الإسلامي اليوم، نذر رجال ونساء أنفسهم لمحاربة الكراهية والظلم والطائفية والفتنة والقسوة. ويعمل هؤلاء من أجل التنمية وإشراك الجميع في الشأن العام وحماية حقوق الإنسان وتوفير الفرص للنساء والشباب والرعاية الصحية للأطفال والرفاه العالمي. أنهم يعلمون الشباب الحقيقة عن ديننا، ويوفرون لهم الأدوات المناسبة التي يحتاجونها لينعموا بحياة إيجابية".
وشدد جلالته، في الكلمة، على أهمية التصدي للمفاهيم الخاطئة، والعمل ضد من يزرعون الكراهية، معتبرا أن "ظاهرة الخوف من الإسلام، التي نراها في بعض الأماكن هي خطر ليس فقط على المسلمين، بل على جميع الناس. وهي ظاهرة تخدم أهداف القتلة والسفاحين وتقوض مبدأ الوحدة التي يحتاجها عالمنا بشدة".