مارثون الرعب وصافرة الشعوب

لا يكاد يمر يوم في العالم العربي دون أحداث وكأننا في مارثون رياضي تتسابق فيه الدول العربية نحو الهاوية، فمن مصر تتناقل وسائل الانباء اخبار التسريبات ليتبعها أنباء أحداث الشغب فيما عرف بمباراة ستاد الدفاع الجوي وراح ضحيتها العشرات، تليها أخبار عن معارك طاحنة في بنغازي وتحذيرات امريكية من تمدد تنظيم الدولة هناك، لتحمل الراية اليمن وتتقدم مرة اخرى بإعلان الحوثيين تشكيل مجلس جديد مدعوم بإعلان دستوري، وفي الاردن توسيع نطاق الهجمات الجوية على تنظيم الدولة واعلان «جون الن» بأن الاستعدادات لشن الجيش العراقي هجوما بريا على وشك الاكتمال.
خط النهاية ترسمه امريكا، فالاتفاق النووي مع طهران هو غاية نهائية ستحدد مسار كثير من الاحداث والتطورات في المنطقة والاقليم، في حين تتسارع خطى الدول العربية في مارثون سياسي وامني لا تعلم نهايته، فالدول العربية الاقليمية لا ترى في خط النهاية الذي رسمه «اوباما» المبتغى النهائي وكل يظن بأنه يملك «لوبي» داخل امريكا لتعديل خط النهاية الذي سيفضي لفوز طهران، ما يعني ان المنطقة قد تتجاوز الخطوط المرسومة لها لينهكها التعب أو ليبلغ بعضها الهاوية.
الصافرة الامريكية لم يعد هناك في العالم العربي من يستمع لها او يدرك وجودها في بعض الاحيان، في المقابل لا أحد يود التوقف ليتأمل للحظات حقيقة المسار الذي يندفع فيه، الصافرة الوحيدة الممكن ان توقف هذا كله هي صافرة الشعوب العربية الغارقة في بحر من الدماء فهي المتضرر الحقيقي من السياسة القائمة في العالم العربي.
هل تكبح الشعوب جماح المتسابقين لتسائلهم الى أين هم ذاهبون والغاية التي سيحققون والثمن الذي يدفعون، حقيقة سيكتشفها الجميع بعد حين، ان جميع المسارات ستقود في النهاية الى الشعوب العربية التي باتت تضيق ذرعا بالمجهول الذي تساق اليه، فكلما طال المارثون اقتربت ساعة الحقيقة، فالمارثون القائم ليس اقتصاديا او رياضيا وانما مارثون رعب وخوف، المشكلة ان صافرة الشعوب غارقة في القمع والفوضى والتطرف والارهاب، فتغيبها وخنقها الهدف الحقيقي من كل هذه الفوضى ومن الصعب بل باتت معجزة أن توقف مارثون الرعب في الوقت المناسب، معضلة فلسفية وصيرورة تاريخية بات من الصعب وقفها او التحكم بها، لها بداية ولاعبون فاعلون ولكن نهايتها ستكتبها الشعوب العربية على الأرجح.
(السبيل 2015-02-10)