رسالة مفتوحة إلى الأردني العربي صافي الكساسبة

لا احد في هذا الكون مهما قال أو كتب أو أسمعك من الكلام الطيب يعرف ما تكابده وما تعاينه أنت والسيدة المحترمة والدة الشهيد وزوجته الفاضلة وإخوانه وأخواته الفاضلات، أعانهم وأعانكم الله جميعا على الصبر وتحمل آلم الفراق، وآلم مشاهدة استشهاد معاذ كل يوم م وكل لحظة حتى يأتي الله امرأ كان مفعولا.
ولم يحدث، وفقا لعلمي، أن غضب الأردنيون والعرب والعالم على شيء كما غضبوا على طريقة قتل الشهيد الطيار البطل معاذ الكساسبة، ولن تكفي كلمات الإدانة والشجب والاستنكار والغضب التي يجود بها قاموس اللغة العربية للتعبير عن بشاعة وفظاعة الجريمة التي ارتكبها مجموعة من القتلة لا يصح أن نطلق عليهم صفة الإسلام .
دم الشهيد وحد الأردنيين وجعلهم على قلب رجل واحد، وكما لمست أنت بنفسك سيدي فإن بيوت العزاء فتحت في جميع بيوت الأردنيين، وشعر كل أب وكل أم أنهم فقدوا أبننا لهم فكان الحزن والعزاء والفقد واليتم في كل أسرة أردنية من الشمال إلى الجنوب، وفي المدن والقرى والبوادي والمخيمات.حتى أن صور الشهيد وضعت في باحات المسجد الأقصى المبارك قبلة المسلمين الأولى.
أما بعد ،
فقد تمادى البعض في إظهار الحزن على الشهيد البطل، وهم معذورون لحجم الفاجعة، وهذا التمادي ذهب بعيدا في الإساءة لمكونات أساسية في المجتمع الأردني، وإلى حملة اغتيال لبعض القوى السياسية والنقابية والأكاديمية وبعض الشخصيات الوطنية الأردنية دون وجه حق، فقط خدمة لأمزجتهم الشخصية وتصفية لحسابات قديمة لا علاقة لها بالشهيد وبمن ارتكب الجريمة.
يسعى البعض إلى تحويل المعركة مع القتلة إلى معركة داخلية بين الأردنيين أنفسهم متناسين أن الوطن الآن بأمس الحاجة على التماسك وإلى الوحدة وإلى التراحم وإلى تجاوز الأخطاء الصغيرة والتسامح وفتح صفحة جديدة من صفحات الوطن الذي هو مقبل على معركة تحدد مسيره ومستقبله.
الأردن بحاجة إلى احتضان الجميع، لأن إقصاء أي طرف ليس في صالح الجبهة الداخلية، خاصة وأن هذا الإقصاء بلا أسس أو مبررات وإنما صراع وخلاف وتنافس على المواقع والكراسي وليس خلافا على الوطن.
سيدي أنت وحدك تستطيع أن تلجم أي شخص يريد أن بمزق النسيج الاجتماعي الأردني بحجة أنه غاضب، لأننا كلنا غاضبون، على استشهاد معاذ، وحدك تستطيع إيقاف هذا الاندفاع العاطفي للناس نحو التخوين والتخويف واستغلال الظروف الاستثنائية للوطن، ووحدك تستطيع أن تمنع أي شخص يتجاوز القانون والأعراف بحجة انه يعبر عن غضبه، فأي مبرر عندما يقوم شخص بقيادة سيارته بسرعة جنونية وهو يضع علم الأردن العظيم وصور الشهيد وصوت المذياع «على الأخر»، وأي مبرر لصحفي يستغل زاويته وصحيفته لتصفية حساباته مع الآخرين ويشكك في مشاعرهم وفي غضبهم إزاء قتل واغتيال الشهيد البطل.
سيدي وحدك تستطيع أن تعيد العقل والسكينة والهدوء إلى البعض.
والشهيد يحتاج في هذه المرحلة إلى الدعاء والصلاة وقراءة القران الكريم، وإلى العمل والوحدة من اجل أردن قوى متماسك قادر على قيادة هذه الأمة إلى بر الأمن والأمان والوحدة.
وحدك أيها الأب والمربي والتربوي ، أيها الأردني /العربي / المسلم، الذي يستطيع أن يخاطب الجميع بأن يحتضنوا الوطن ويسهروا على أمنه واستقراره ووحدة جبهته الداخلية.
(السبيل 2015-02-11)