الحملة السورية على الأردن

تم نشره الأربعاء 11 شباط / فبراير 2015 03:07 صباحاً
الحملة السورية على الأردن
فهد الخيطان

في الوقت الذي كان فيه الأردنيون يشتعلون غضبا بعد الجريمة النكراء التي ارتكبها تنظيم "داعش" الإرهابي بحق الطيار الشهيد معاذ الكساسبة، وبينما كانت المقاتلات الأردنية تقصف معاقل الإرهابيين في الرقة ودير الزور والموصل، شن أركان النظام السوري هجوما عنيفا على الأردن. مرد الهجوم أن جماعات من المعارضة المحسوبة على الأردن في جنوب سورية، بدأت تحركا ضد الجيش السوري في خربة غزالة، وغيرها من المناطق، يمهد حسب تقديراتهم لتشديد الحصار على دمشق.
سبق الهجوم الدبلوماسي السوري، حملة شرسة في وسائل إعلام محسوبة على النظام السوري ضد الأردن، استهلها رئيس تحرير صحيفة "الأخبار" اللبنانية المقربة كثيرا من دمشق وطهران، ابراهيم الأمين، بافتتاحية نالت من كرامة الأردنيين وجيشهم وملكهم، في لحظة كان العالم كله يقف تضامنا مع الأردن.
لهجة الأمين وسواه من كتاب النظام السوري اتسمت بالخسة، وقلة الأدب، والكراهية الدفينة تجاه الأردن وشعبه. ولا تقل عنها تعليقات وليد المعلم البلهاء والسطحية حيال دور الأردن في الحرب على الإرهاب. لقد كان لافتا لغة التشفي بالأردن بعد جريمة "داعش" بحقنا، ومن قبل كُتّاب يدّعون العداء للإرهاب وجرائمه.
بالنسبة لي وللكثير من المتابعين للأوضاع في سورية، يبدو أمرا مستهجنا بالفعل أن يقدم الأردن على فتح معركة مع النظام السوري، أو دعم قوى مناوئة له، في الوقت الذي يخوض فيه مواجهة مفتوحة مع الإرهابيين في سورية، حشد ويحشد لها كل ما يتوفر من قدرات عسكرية ولوجستية.
لقد عبر مسؤولون كثر عن استغرابهم الشديد من هذه الاتهامات؛ فمن يصدق أن مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية المنهمكة على مدار الساعة في جهد عملياتي مكثف لمواجهة مخاطر الإرهابيين، وإدارة الحرب مع "داعش"، تملك ترف إضاعة الوقت في تحريك فصائل معارضة جنوب سورية، وفتح معركة مع النظام السوري.
ثمة مواجهة حقا في درعا وجوارها، وعلى امتداد المناطق المحيطة بالعاصمة دمشق. لكنها تحركات ليست مفاجئة؛ بعضها موجه ضد الجيش السوري، وضد مراكز النظام السيادية في دمشق، وبعضها الآخر بين جماعات مسلحة تصفي حسابات فئوية ومصلحية فيما بينها، يعرف النظام السوري تفاصيلها أكثر من الآخرين.
لقد حدد الأردن، وبشكل قاطع، أولوياته في سورية قبل جريمة "داعش" بحق الطيار الشهيد. فقد أكد الملك عبدالله الثاني قبل أسابيع قليلة فقط، وللمرة الثانية، أن التصدي للتهديد الذي تمثله الجماعات الإرهابية في سورية يشكل أولوية بالنسبة للأردن. ويعلم أركان النظام السوري كم كان حجم الضغوط التي قاومها الأردن لتسهيل عمليات دخول المقاتلين والأسلحة إلى سورية. ويعلمون أنه لو استجاب لتلك الضغوط لما كانت الحال كما هي في دمشق اليوم.
ليس سرا علاقة الأردن الوثيقة بمجموعات من المعارضة في جنوب سورية. لكن لهذه الصلات وما يترتب عليها من دعم، اعتبارات تتعلق بالمصالح الأمنية الأردنية، وليس بمجريات الصراع الدائر في سورية.
أما إذا كان الهدف من الهجوم المكثف على الأردن دفعه لإعلان تحالفه مع دمشق، فإن الوسيلة التي اختاروها لتحقيق هذه الغاية بدائية بحق، وتنم عن جهل مستوطن في قواعد التحالفات والعلاقات الدولية، والاصطفافات القائمة في المنطقة. وفي أحسن الأحوال هي دعوة مبكرة جدا لم يحن أوانها بعد.
كان على رجال النظام السوري وإعلامييه أن يتركوا الأردن وشأنه ليواجه التحدي، ويتفرغوا لمصائبهم؛ فقد غمرونا بحكمتهم ونصائحهم، والتي من دونها لم نكن لنحلم بأن تقصف طائراتنا الرقة ودير الزور.

(الغد 2015-02-11)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات