الحالة الاقتصادية للمرأة الأردنية

تحقيق شروط التمكين الاقتصادي للمرأة في الأردن، يحتاج جهودا إضافية في السنوات المقبلة؛ تبدأ بالمرأة ذاتها، وتمر بمجتمع لديه الرغبة والإرادة لتغيير الحالة الراهنة، وصولا إلى سلطات ينبغي أن تراعي في عملها بناء جسور من الشراكة بين الرجل والمرأة في التشريعات والتطبيق العملي لها، لاسيما أن النساء يشكلن نحو 48 % من سكان المملكة.
هناك مسارات تقدمت فيها المرأة على امتداد العقود الماضية، لكنها أخفقت في أخرى. والإشكالية تكمن في الدرب الذي وضعت المرأة فيه نفسها أو هي أجبرت على السير فيه. فهو درب لا ينتهي إلى التمكين.
في بلاد تتقارب فيها نسبة الاناث ونسبة الذكور، تبدو أعداد الخريجين الجامعيين مناصفة بين الجنسين. وبنسبة تفوق 90 %، فإن البنات فوق سن 15 عاماً متعلمات. غير أن هذا الشكل لم يفض إلى مضمون نوعي. فنسبة مشاركة المرأة الأردنية في النشاط الاقتصادي ضئيلة وهزيلة، لا تتخطى 16 % من المشتغلين في سوق العمل، وليبرز هنا سؤال: لماذا كل هذه الشهادات والنفقات التعليمية، إذا كانت غير قابلة للاستثمار في العمل والمشاركة الاقتصادية لاحقا؟ وحتى اللائي يعملن، يتركز نشاطهن في قطاعات بعينها. إذ تشير بيانات دائرة الإحصاءات العامة إلى أن 54 % من النساء في سوق العمل يتركزن في قطاع التعليم، ونحو 45 % في قطاع الصحة والعمل الاجتماعي. وفي تقديري، فإن ذكورية المجتمع أسهمت في تضييق نطاق العمل على المرأة ضمن هذه القطاعات دون غيرها، من دون الالتفات إلى مخاطر تحجيم دور المرأة على هذا النحو.
قد يقول أحدهم إن المرأة، بنسبة عالية، تتعلم لتتزوج وتؤسس بيتا. لكن ذات البيانات الرسمية تؤكد أن نسبة اللاتي لم يسبق لهن الزواج ترتفع إلى 33 %. وبسبب تعقيدات الحالية المعيشية، فإن عتبة الزواج في ارتفاع مطرد؛ للرجل كما للمرأة.
الغرائبية في الشكل والمضمون بخصوص حالة المرأة الاقتصادية في الأردن غير منتهية. فإذا كانت المرأة مشاركة بشكل ضعيف في النشاط الاقتصادي، فكيف يمكن فهم الإحصاءات التي تذهب إلى أن واحدة من بين كل خمس أردنيات تملك أرضا، وأن ربع الأردنيات يمتلكن شققا سكنية؟ هذا علاوة على مؤشرات اقتصادية عديدة تدلل على أن نسب الملكية لا تتقارب مع حقيقة الدور الذي تقوم به المرأة على صعيد النشاط الاقتصادي.
يحتفل كثيرون غدا باليوم العالمي للمرأة. وهناك شروط يفترض أن تتوفر لها حتى تتقدم؛ فمن غير المقبول أن نكتفي بقشور الشكل ومظاهره. وأذكر هنا تقليدا بجعل إحدى الزميلات رئيسة للتحرير ليوم واحد في يوم المرأة، بعد أن يتنازل لها رئيس التحرير عن هذا الدور. إذ أحسب أن هذا الشكل لا يعني شيئا للزميلات الصحفيات، بل ولربما يقلل من شأنهن. في المقابل، برعت الزميلة جمانة غنيمات، منذ عدة سنوات وما تزال، في موقع رئاسة تحرير "الغد" اليومية المستقلة، وبشروط كلها تنافسية وجدية ومثابرة، لا مِنّة فيها من أحد، وهذا هو المضمون التي تحتاجه المرأة، والرجل والمجتمع كله.
(الغد 2015-03-07)