هنا مربط الفرس

تم نشره الخميس 02nd نيسان / أبريل 2015 01:52 صباحاً
هنا مربط الفرس
د.رحيل محمد غرايبة

في التبريرات الواضحة التي أطلقها الدكتور همام في اجتماع عام في إحدى شعب عمان، والتي كانت مستنداً للرفض الصارم لمبدأ تصويب وضع الجماعة القانوني هي بالضبط موضوع الخلاف على وجه التحديد والدقة ، وهي موضع الحوار العلني الصريح، رغم أنها قيلت في سياق عاطفي مثير مما استدعى من جميع الحاضرين أن ينهضوا استجابة للنداء بتجديد البيعة، من باب الإصرار على الرفض القاطع لمبدأ التصويب القانوني.
الأمر الأول الذي تم الاستناد إليه في عملية الرفض والتجييش؛ أن الجماعة لا يمكن أن يستوعبها قانون موجود، فهي أكبر من القانون! وذلك لاتساع أعمالها وشمول فكرها، والقانون سيؤدي إلى تحجيمها وتحجيم دورها، وتقزيم وجودها، فهذا الكلام يحمل قسطاً كبيراً من الادانة، لأن الجماعة ترى نفسها فوق القانون، وأنها دولة داخل دولة، وعندما يصدر هذا الكلام على هذا النحو الصريح الواضح فهو اعتراف وإقرار حاسم بأن الجماعة على هيئتها السابقة ليست قانونية، ولا تحتل مركزاً قانونياً ولا تحمل شخصية قانونية معترف بها، ولو كانت كذلك فلماذا لا يهبون للدفاع عن شرعيتهم؟ ولماذا لا يقدمون مرافعة قانونية مقنعة؟ ولماذا لا يشتكون على من سطا على اسمها وموقعها؟
إن الاصرار على هذا الموقف بهذا الاعتراف الصريح يدل دلالة قاطعة على إفشال كل الحوارات السابقة التي كانت تهدف الى تصحيح مسار الجماعة، ورفض التعاطي مع المقترح المكتوب الذي تم تقديمه اكثر من مرة لقيادة الجماعة، فضلاً عما تحمله هذه التصريحات من روح استعلائية مرفوضة، لا يقبلها العقلاء، فضلاً على قبولها من أي دولة أو حكومة، ولا يمكن أن يكتب لها الاستمرار، حيث أن الجماعة نفسها ترفض أي خروج على قانونها وأنظمتها الداخلية، أو ما تتوهم أنه يمثل خروجاً على اجتهاد قيادتها، كما تم التعامل مع المبادرة الوطنية للبناء (زمزم)، حيث استمروا لمدة عامين من الحرب والتشويه والمحاكم، وإشغال الجماعة ومؤسساتها في الداخل والخارج.
الأمر الثاني الذي تم الاستناد إليه في عملية الرفض للتصويب القانوني، يتمثل بالتخويف من آثار التصويب الذي سوف يؤدي إلى كشف أسرار الجماعة، وكشف أسماء أعضائها، وسجلاتها وأموالها وانتخاباتها، وقد يبدو الأمر مثيراً لكثير من أفراد الجماعة لأنهم تعودوا طوال السنوات السابقة على هذا النمط من إخفاء العضوية وإحراق الوثائق والمحاضر في كل مرحلة زمنية، وتعودوا على أسلوب السرية في الاجتماعات والانتخابات، واصلاح هذا الأمر وتغييره يحتاج إلى حوار هادىء وعقلاني ولا يحتاج إلى إثارة ولعب بالعواطف، ويمكن الرد عليه من عدة وجوه؛ فالوجه الأول أن الجماعة في الأردن نشأت بالعلانية وبإذن من الجهات المختصة، ولم تفقد علانيتها الرسمية في يوم من الأيام، ولذلك كل من يريد الانضمام إلى الجماعة يجب أن يكون ذلك علنياً وأمام الأشهاد، ولا يحتاج إلى خفاء، لأن إخفاء العضوية هو الذي يثير التخوفات لدى الدولة ويثير الريبة لدى الناس جميعاً، ومن يخاف أن يعلن اسمه في كشوفات العضوية لا حاجة للجماعة به، والوجه الآخر أن الجماعة أعلنت أهدافها وغاياتها وأساليب عملها، فهي لا تعمل في شيء محرّم، وليس لديها ما تخشى الاطلاع عليه أو كشفه، إلّا ما كان ممارسة غير قانونية أو غير مشروعة، وهذا ما يجب رفضه بكل جرأة ووضوح، أما الانتخابات وفرز الأعضاء فليس هناك ما يستدعي السريّة والخفاء، فلماذا لا يتم ذلك بكل علانية ونزاهة أمام الإعلام، وأمام رقابة الدولة وتحت مظلة القانون.
أما عن حركة المال فهنا مربط الفرس، فلا بد من أن تكون هناك شفافية تامة في انفاق المال وكسبه، ولا تحتاج الجماعة إلى إخفاء ذلك أو التستر عليه، ويجب أن يكون منشوراً في الصحف وفي أيدي وسائل الإعلام، مثل أي مؤسسة مشروعة ومثل أي مجموعة أو جمعية تعمل على الساحة الأردنية، لأن السرية في هذا الموضوع هي التي تجلب المصائب والويلات، وتبعث على الشك والريبة، ومظنة التلاعب والفساد، ولذلك لا مانع من رقابة ديوان المحاسبة على كل قرش فيها.
الأمر الثالث الذي يتم الاحتجاج به : هو كيف سيتم دعم الجهاد في فلسطين؟ ويتضح من هذا القول هو إثارة العواطف لا أكثر، لأن الذين يدعمون الأهل في فلسطين يستطيعون ذلك تحت مظلة القانون، بل هو الأولى، وليس هناك أي عائق أمام القيام بهذا العمل، وقد جربنا ذلك بوضوح، ولذلك فإن الاستناد إلى عدم التصويب القانوني من أجل هذه الجزئية يشكل إدانة وليس مناطاً للمدح والبطولة والأعمال الخارقة.
أما الأمر الرابع فهو العلاقة مع حماس التي تكشفها خطوة التصويب القانوني، وهذا في الحقيقة ينطوي على جانب من مخادعة النفس أمام جماهير الإخوان، وشكل على مدار السنوات الأخيرة نقطة خلاف تفجيرية، ولا يتعلق الأمر بجوهره حول مسألة مبدأية نضالية، بل ما يجب أن يعلمه الإخوان أنها قضية إدارية تنظيمية ينبغي أن تحل بوضوح وأمام عين القانون وتحت ضوء الشمس، وإن مسألة التغطية بهذا الإدعاء لا يعني إلّا مزيداً من الإثارة العاطفية واستجداء التعاطف بطريقة غير سليمة ولا صحية وتحمل جملة من الآثار الخطيرة.

(الدستور 2015-04-02)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات