المحاباة الأردنية والتناقض المصري

لا يمكن تفسير تظاهرات من أعضاء حركة تسمى «البديل الثوري» أمام مقر السفارة السعودية في القاهرة، إلا في سياقين الأول: توجيه رسالة سياسية بمثابة ضغط على الرياض لتقديم مزيد من المعونات، وبخاصة أنها جاءت بعد تعهدات أطلقها عبد الفتاح السيسي بدعم السعودية في حملتها باليمن من خلال إرسال قوات برية، والثاني: حالة ارتباك غير مسبوقة للدبلوماسية المصرية التي يعاني نظامها من أزمات سياسية واقتصادية.
الارتباك ذاته تعرضت له عمان بعد أن أرسلت وزير خارجيتها ناصر جودة إلى طهران حاملا رسالة خطية من الملك عبد الله الثاني في زيارة رسمية لم يتم فك رموزها بعد، وفجأة الإعلان عن المشاركة في «عاصفة الحزم» باليمن بست طائرات حربية ضد الحوثيين المحسوبين والمدعومين من إيران في استدارة غير متوقعة أو على الأقل لم يكن محسوبا لها حساب.
الأردن الذي أيد بشدة التحولات الأخيرة في مصر ضمن معادلة أن «الإخوان هم المشكلة» على رأي المصريين الذين على الصعيد السياسي يرون حلف السعودية- تركيا- قطر والذي لم تتبلور ملامحه بدقة بعد كحلف جديد، عُدوا بالدرجة الأولى بجانب التنظيمات المتطرفة وعلى رأسها «تنظيم الدولة». سيسأل النظام المصري يوما عن سر تلك التناقضات في التعاطي مع القضايا الإقليمية، فترحيب السيسي بأمير قطر الشيخ حمد بن تميم في قمة شرم الشيخ بالتأكيد كان محل تساؤل حلقات ضيقة داخل البيت الأردني.
التساؤل الثاني يمكن أن يأتي بعد التظاهرات المذكورة، وسيكون وقعه أكثر قوة في حال رفضت الرياض ضمنيا مشاركة قوات برية مصرية بالعمليات في اليمن، والاستعاضة عنها بقوات خاصة باكستانية أم تركية، ويمكن أن تكون أردنية لاعتبارات تختلف كثيرا عن تلك التي تصاغ في إطار العلاقة المصرية- السعودية، كون الثانية في سياق البعد العربي والتاريخي لمصر وكثافة السكان المطلوبة في حال طرح الموضوع الطائفي، أما في الأولى فالأردن له مكانة خاصة في العمق السعودي قد لا يكون دوما بسبب معونات ومساعدات بقدر ما له قيمة سياسية ومعنوية.
ما يهم، المخاوف من أن ينعكس الارتباك المصري والتناقض في التعامل مع القضايا العربية على الدبلوماسية الأردنية التي ذهبت لفترة وجيزة بعيدا باتجاه طهران، قبل أن تستدرك أن الترقب أجدى في هذه الأوقات الحساسة وتطبيق المعيار المصري في طلب المعونات والمساعدات، فالأردن دوما كان يلبي النداء بدون شروط، وهو الدولة المستضيفة لهذا العدد من اللاجئين السوريين، ولن تتأخر عن تقديم المساعدة في اليمن، فلا يمكن تصور خروج مظاهرات في عمان كتلك التي خرجت في القاهرة؛ فإن ذلك في البداية ينافي المنطق من جهة، وهو مشهد لا يمكن تصوره إلا في بلد مثل مصر.
(السبيل 2015-04-07)