نسبة الـ 1 % ونقابة الصحفيين

يجب أن يشكل الانتقاد الذي وجهته لجنة التوجيه الوطني والإعلام النيابية لنقابة الصحفيين بخصوص اقتطاعها نسبة 1 % من إيرادات إعلانات الصحف لصالح صندوق النقابة، حافزا للنقابة للتفكير بكيفية تمويل صندوقها والصناديق الأخرى المنشأة في النقابة والتي تستنزف أموالا طائلة في الأزمة التي تعاني منها الصحافة الورقية، وخصوصا صحيفتا "الرأي" و"الدستور".
لجنة التوجيه الوطني النيابية، اعتبرت نسبة 1 % التي تقتطع من إعلانات الصحف لرفد صندوق نقابة الصحفيين عبئا ماليا على الصحف، تزيد من مشاكل الصحف وتضعف قدرتها على الوفاء بالتزاماتها. وأنا هنا لا أريد أن أناقش عدالة أو عدم عدالة اقتطاع 1 %، وفوائد الأموال التي يتم اقتطاعها على الصحفيين. فمجلس النقابة يستطيع أن يتحدث حول هذا الموضوع أكثر مني. لكن الانتقاد الذي وجهته لجنة التوجيه الوطني النيابية يجب اعتباره من قبل النقابة بمثابة "ناقوس" خطر دقته اللجنة في الوقت المناسب. فبحسب ما أصبح معروفا، فإن صحيفتين كبيرتين ("الرأي" و"الدستور") تعانيان من مشاكل مالية تحد من قدرتهما على الإيفاء بالتزاماتهما تجاه العاملين فيهما وتجاه النقابة، بالإضافة إلى أن الصحف الورقية بالمجمل تعاني من تحديات شديدة جراء ارتفاع تكاليف الإنتاج وزيادة نفقاتها ومحدودية سوق الإعلان. لذلك، فإن نسبة الـ1 % ستكون مهددة، وفي حال تم توريدها، فلن تكون بنفس القيم المالية السابقة.
إن الواقع الحالي، والتوقعات المستقبلية، يستدعيان من مجلس نقابة الصحفيين البحث عن آليات جديدة لرفد صناديق النقابة، بالإضافة إلى تخفيض نفقات النقابة والتي أغلبها يذهب لتغطية العجز في صندوقي "التأمين الصحي" و"التكافل الاجتماعي". فبحسب المعلومات المتوفرة، فإن صندوق النقابة دفع العام الماضي 140 ألف دينار لـ"التأمين الصحي"، مع أن صناديق التأمين الصحي في النقابات المهنية الأخرى تغطي نفسها، ولا تحتاج إلى صندوق النقابة، أو غيره من الصناديق لتغطية نفقاتها، ولو احتاجت فلن تكون حاجتها بنفس قيمة ما يحتاجه صندوق التأمين الصحي في نقابة الصحفيين. إن النقابة بحاجة فعلا لآليات جديدة لرفد صناديقها، وعليها العمل من أجل ذلك. وفي حال حافظت على الآليات الحالية، فإنها ستكون معرضة لمخاطر شديدة، لاسيما عندما يبدأ الصندوق الجديد في النقابة (التقاعد) الدفع للمتقاعدين بعد 10 سنوات. فهذا الصندوق خصص له 15 % من مجمل الأموال التي تحصل عليها النقابة من نسبة الـ1 %، وهو لا يستطيع بإمكانياته الذاتية الإيفاء بالتزاماته، ما يستدعي البحث عن روافد جديدة، منها الاستثمار الذي أصبح أكثر تعقيدا من السابق، لاسيما أن النقابة لا تجربة لها في الاستثمار، وإذا بدأت فستبدأ من الصفر، وهي بحاجة فعلا في ظل هذه الظروف المالية الصعبة لوسائل الإعلام المختلفة، أن تجد آليات جديدة لرفد صناديقها، وخدمة المنتسبين إليها.
إن الواقع والنقاشات الدائرة في الساحة الصحفية، يؤكدان أن ما تجنيه النقابة من الـ1 % يقل تدريجيا، وسيدخلها في تعقيدات كبيرة؛ منها على المستوى القضائي (رفع دعاوى قضائية ضد الصحف غير الملتزمة بتوريد مستحقات النقابة من 1 %)، ومنها على مستوى الإيفاء بالالتزامات تجاه الأعضاء. إن مجلس النقابة مطالب بالبحث عن حلول وآليات جديدة، والإ فان النقابة معرضة للخطر.
(الغد 2015-04-07)