مآفيات الحطابين تهدد الثروة الحرجية وتنذر بانقراضها
المدينة نيوز :- تختار " مافيات "، أشجارا حرجية تضرب جذورها باعماق الأرض، ويتراوح عمرها أكثر من خمسمائة عام، لاقتلاعها والاعتداء عليها، متاجرين بها، حيث تعبث بها أيد جائرة لا تدرك قيمتها لجهلها، فتحرمنا من التمتع بجمالها، من أجل الحصول على حفنة من المال.
أحد المعتدين على الثروة الحرجية رفض ذكر اسمه، لا يلتفت إلى قيمة الشجرة وعمرها التاريخي بقدر التفاته إلى قيمتها المادية، فيقوم بتحطيب الأشجار وتقطيعها للمتاجرة بها وبيعها لمواطنين لأغراض التدفئة وإلى تجار لتحويلها إلى أخشاب أو إلى أصحاب مقاهي الأرجيلة وغيرها.
ويقر أن ما يفعله يتعارض مع القوانين والأنظمة التي تغلظ العقوبات على الذين يعتدون على الأشجار الحرجية، إلا أن" حاجتي المادية تدفعني إلى امتهان هذا العمل".
يمكث مأمور محطة حراج دبين معروف الشوبكي، في موقعه لحراسة الأشجار ، ومراقبة أي اعتداءت، وفي بعض الأحيان تكون ساعات دوامه في منتصف الليل وحتى ساعات الفجر، لافتا إلى أن الكثير من الطوافين، تعرضوا إلى اطلاق عيارات نارية من المعتدين، وأحيانا يتعرضون لكيل من الشتائم.
ويشير إلى أن عصابات الأشجار معروفة لدى الطوافين، وهم يأتون الى الغابات باستمرار باعداد تتراوح ما بين 7 إلى 10 أشخاص وأعمارهم من 20 إلى 40 عاما وغالبيتهم عاطلين عن العمل أو أنهم لا يجدوا سوى هذه المهنة لجلب المال الحرام.
ويؤكد ازدياد حالات التعدي على الأشجار الحرجية خاصة مع ارتفاع أسعار المحروقات، فيما تقل الاعتداءات في حال تخفيض الأسعار، مطالبا الجهات المعنية بتخفيض أسعار المحروقات وبالذات الكاز.
ويشير إلى أن أكثر المناطق عرضة للأعتداءات هي: كفر خل، ساكب، برما، سوف، داعيا الى تفعيل القانون بحق المعتدين و"الممتهنين" لتجارة الأشجار وتغليظ العقوبات عليهم حفاظا على الثروة الحرجية.
483 حالة اعتداء على الأشجار ويبين مدير مديرية الحراج في وزارة الزراعة المهندس عيد الزعبي، الضبوطات الحرجية التي تمت خلال الاشهر الاولى من العام الماضي والتي بلغت 483 ضبطا و 305 ضبوطات في الفترة ذاتها من العام الحالي، أي بانخفاض مقداره 37% ، مشيرا الى أنه وبالتعاون مع الوكالة الأميركية لخدمة الغابات (يو اس اف اس ) وبتمويل من الوكالة الاميركية للإنماء يتم العمل حاليا على تأهيل مشتل فيصل الحرجي في جرش للاستفادة من التجربة الاميركية المطبقة في لبنان، في انتاج غراس أكثر مقاومة للظروف المناخية وذلك لزراعة الاشجار الحرجية في المناطق الصحراوية بالاردن وفي حال ملاءمتها سيتم تعميمها على جميع مشاتل المملكة.
وتعمل مديرية الحراج، وفقا للزعبي، ومن خلال قسم التوعية الحرجية على اعداد برامج توعية تستهدف المواطنين خاصة المجاورين للغابات الحرجية بعقد الدورات والندوات التثقيفية والارشادية واصدار النشرات التوعوية ،وتنظيم برامج تدريبية لطلبة الجامعات والمدارس، وزيارات ميدانية لمرتادي الغابات ومناطق التنزه، اضافة الى التعاون مع الشركاء خاصة وزارة التربية والتعليم، لتنفيذ نشاطات بيئية في المناطق الحراجية .
ويؤكد ضرورة تأهيل طوافي الحراج للقيام بواجبهم وبطريقة حرفية في حراسة الغابات من خلال دورات متخصصة تعقد لهم ليقوموا باداء واجبهم على أكمل وجه ، وذلك في التبليغ المباشر والسريع عن أي تجاوزات أو اعتداءات وكيفية التعامل مع الضبوطات والحراسة المحترفة للغابات وتوفير مستلزمات الحراسة الشخصية التي تتطلبها ظروف العمل كمستلزمات المراقبة من مناظير، واجهزة لاسلكية وغيرها، تساندهم ابراج ومحطات المراقبة المنتشرة في الغابات ودوريات الشرطة البيئة.
ويلفت الزعبي الى أن اكثر الاعتداءات موجهة إلى شجرة الملّول؛ وهي الشجرة الوطنية للاردن، ذات الفوائد الجمة، كانتاج الاكسجين بكميات كبيرة، وتمنع انجراف التربة، وتمتص الغازات الضارة بالبيئة؛ كغاز ثاني أكسيد الكربون، ويستفاد من أخشابها في الصناعات المتعددة، كما تطال الاعتداءات الجائرة والحرائق المفتعلة ، أشجار السنديان واللزاب والبلوط والصنوبر والتي يبلغ عمرها مئات السنين.
ويؤكد أن مديرية الحراج بالوزارة تحافظ على الأشجار الحرجية من خلال انتاجها في مشاتلها وزراعتها في المناطق المخصصة للتحريج ، حيث يتم انتاج ثلاثة ملايين غرسة سنويا من64 صنفا حرجيا موزعة على 14 مشتلا حرجيا.
المعتدون يختارون أشجارا عمرها 700 عام لمردودها المالي المرتفع ويشير الناطق الاعلامي بإسم وزارة الزراعة الدكتور نمر حدادين إلى وجود توجهات من أعلى المستويات وعملا بتوصيات مجلس الوزراء، للتعاون المشترك مع جميع المؤسسات الحكومية لزيادةً الرقعة الخضراء في المملكة ، وتغليظ العقوبة وعدم الأخذ في العقوبات المخففة كالغرامة المالية وقيمتها 50 دينارا، لافتا إلى أن مجرمي الثروة الحرجية يختارون الأشجار التاريخية والتي يتراوح عمرها 500 الى700عام؛ لأهميتها ومردودها المالي المرتفع.
انتجت الوزارة، وفقا لحدادين، 3 مليون غرسة تم زراعة مليون منها ضمن حملات إعادة التشجير، وتحريج جوانب السدود، وزراعة جوانب الطرق حيث توزع الوزارة 150 ألف غرسة لأمانة عمان، كما يتم توزيع الغراس على المؤسسات العامة والخاصة والمواطنين مجانا من قبل مديريات الزراعة المنتشرة في المحافظات والألوية وذلك خلال الفترة الواقعة بين شهر تشرين الثاني ونهاية شهر آذار من كل عام.
ويؤكد على المشكلات التي تواجه الثروة الحرجية من القطع الجائر، والحرائق المفتعلة والحرائق غير المقصودة من مرتادي الغابات في فترات التنزة، داعيا المواطنين إلى المحافظة على النظافة قبل مغادرتهم الأحراج ومدى تأثير الظاهرة في تراجع مساحة الأراضي الخضراء.
ويؤكد أن التحديات كبيرة التي يواجهها طوافو الحراج تصل أحياناً الى العراك بالإيدي، لافتا الى أن العقوبات تكون بناء على عمر الشجرة، أو أن تكون نسبة القطع بشكل جزئي أو كلي وعدد الأشجار بالغرامات المالية أو السجن، أو كلتا العقوبتين.
ويشير إلى مساهمة المنحة الخليجية في زيادة عدد أبراج المراقبة للحفاظ على الغابات والمحميات، كما تم تعيين طوافين جدد وتزويدهم بسيارات لتمكينهم من الوصول الى الاماكن الوعرة وتخصيص محروقات أضافية، وتسهيل طرق للمراقبة والحماية، مشيرا الى توفر البدائل كشجر الزيتون والجفت والحصول على رخص استيراد دون رسوم جمركية.
وتساند الادارة الملكية لحماية البيئة وفقا لمديرها العميد الركن بسام أبده، المؤسسات ذات العلاقة في حماية الثروة الحرجية، وضبط المخالفات التي تشكل انتهاكا للبيئة في مجالات المياه والهواء والتربة والتحطيب والتعدي على الثروة الحرجية والحفاظ على المناطق التي تشهد ازدحاما من المتنزهين الذين تصدر عنهم ممارسات خاطئة وسلبية، وخصوصا ما يتعلق بحدوث الحرائق في المحميات أو الاعشاب الجافة والاشجار، نتيجة ترك بقايا الفحم المستخدم في الشواء ورمي أعقاب السجائر على الاعشاب الجافة خلال فترة الصيف ما يشكل خطرا على السلامة العامة، عدا عن إلقاء النفايات في المحميات الطبيعية ومناطق الحراج مما يساعد في انتشار الحشرات والأمراض.
ويشير إلى أن عدد المضبوطات فيما يتعلق بالتحطيب الجائر وحيازة المواد الحرجية بدون ترخيص خلال العام الماضي بلغ 142 قضية شملت 64 شجرة تزن 248666كيلوغراما، فيما بلغت عدد المضبوطات في العام الجاري لغاية الان 73 قضية، لــ 35 شجرة مقطوعة تزن 84350 كيلوغراما، أما عدد الحرائق في الغابات التي حدثت منذ عام 2013 ولغاية الآن بلغت 64 حريقا . وتعتبر ادارة حماية البيئة، أن الوقاية من المخالفة البيئية أفضل من ضبطها، وذلك لتقليل المخاطر على صحة الإنسان والبيئة بمختلف مكوناتها، وقد راعت في خطتها التشغيلية تحديد الفئات المستهدفة وزيادة درجة الوعي البيئي لدى طبقات المجتمع كافة.
ويؤكد ابده قيام الادارة بتنظيم حملات للحفاظ على مناطق التنزه بالتنسيق مع مديرية الأمن العام/ إدارة العمليات والجهات المعنية، وإخراج الدوريات الآلية والمستقلة والمشتركة الى مواقع التنزه وخاصة أيام الجمع والعطل الرسمية للدلالة والإرشاد وتوزيع البروشورات على المرتادين وتوعيتهم للحفاظ على تلك المناطق وحمايتها، موضحا ان منع التنزه على جوانب الطرق الرئيسة مثل شارعي الاردن والمطار، ضمانا لسلامة المتنزهين والطرق، كما يتم العمل مع مختلف الجهات الرسمية المعنية من حكام إداريين ، ومديريات البيئة ، ومديريات الزراعة، وأمانة عمان، والبلديات، لمراقبة السلوكيات والممارسات والاعتداء على الغابات وضبط المخالفات الخاطئة المتمثلة في تلوث الحدائق وأماكن التنزه والمياه المتعلقة واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين.