في حقيقة "تكافؤ الفرص"!

تم نشره السبت 18 نيسان / أبريل 2015 01:43 صباحاً
في حقيقة "تكافؤ الفرص"!
حسن احمد الشوبكي

بين وقت وآخر، يثور جدل على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن تعيين أحد أبناء المسؤولين في منصب مهم، وبراتب كبير. ويجد المشاركون في هذا الجدل مساحة واسعة للتعبيرعن الغضب والقلق من استمرار ظاهرة المحسوبية بيننا، رغم ما يتردد من تصريحات حكومية عن مساع لتحقيق العدالة، وإقرار تكافؤ الفرص بين الأردنيين كافة.
فجريمة المحسوبية والواسطة ما تزال قائمة، رغم الحديث المفتوح عن اللجان وشروط التعيين والمنافسة الشريفة. في الوقت الذي ينبري فيه بعض المسؤولين والقانونيين للدفاع بسرعة عن أي متنفذ حصل على منصب مغر بطريقة غير مفهومة، أو غير قانونية تبعا لشبكة العلاقات وسواها من العوامل التي تفتك بجسم الاقتصاد، كونها تتصادم مع شروط التميز والإبداع والتطور، كما أنها تأتي على حساب حقوق آخرين ربما كانوا يستحقون الجلوس على الكرسي الذي جلس عليه ذاك المتنفذ أو ابن المسؤول الفلاني.
الحديث عن هذا التشوه الاجتماعي والاقتصادي ليس ترفا، فباستمراره سيبقى حال الاقتصاد مترنحا ومحكوما بشبكة العلاقات التي تتبادل المناصب والسيطرة والنفوذ في القطاعين العام والخاص. وهو الأمر الذي يؤدي إلى جعل دافعية الإنجاز محكومة بتشوهات قديمة جديدة، لا الإبداع والكفاءة.
ظاهرة الفساد الإداري أمست واقعا لا يمكن إنكاره. وبنظرة سريعة على الأسماء في المناصب التي تستحدث، نجد أن كثيرا منها يدور في إطار شبكة العلاقات والمحسوبيات، ولا يخضع على نحو عادل لشروط التعيين المعلنة، أو اللجان المخصصة لأمر التعيين.
والمؤسف بحق، بل والمخجل، أن ثمة شركات ومؤسسات حكومية وشبه حكومية تعرضت لانتكاسات وخسائر في سنوات خلت، بسبب فساد الإدارة والمحسوبيات والتعيينات غير القانونية التي استنزفت الميزانيات؛ وليعاد الأمر ذاته ويتكرر في كثير من تعيينات اليوم، التي تنطلق من قاعدة "المحاسيب" وأصحاب النفوذ. فيبقى أنين تلك المؤسسات قائما، وتتحمل خزينة الدولة كل هذه التشوهات.
"الرجل المناسب في المكان المناسب" خرافة عربية، وهي كذلك على المستوى الأردني. فتوريث المناصب العليا مسألة سهلة للغاية، تجري بمباركة المظلومين في أحيان كثيرة، حين ينضمون إلى جوقة تجيد التطبيل لابن العائلة الفلانية. في الوقت الذي لا يجرؤ فيه شاب كفؤ ومبدع، يحمل سيرة مهنية كبيرة، على الاقتراب من حصون هذه المناصب، إن لم يحمل معه دعما مفتوحا من أحدهم.
في الولائم والسهرات الكبرى التي يتداعى إليها متنفذون، ترتكب جرائم بحق الاقتصاد والمجتمع، لا سبيل إلى وقفها. والسبب أن الإرادة غائبة، والعقلية التوريثية تواصل النخر في الجسم الاقتصادي ولا يحاسبها أحد. وما الذي يضيرها والصراخ ضدها من على منصات التواصل الاجتماعي في فضاء بعيد، وليس في وجوه المعتدين؟!

(الغد 2015-04-18)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات