الضفة ومطاردة مزدوجة لمنع انتفاضتها

تم نشره السبت 18 نيسان / أبريل 2015 01:50 صباحاً
الضفة ومطاردة مزدوجة لمنع انتفاضتها
ياسر الزعاترة

عندما يكون في سجون الاحتلال 6500 أسير في الوقت الراهن رغم عشرية تفصلنا عن انتفاضة الأقصى، فهذا يعكس حقيقة ما يجري في الضفة الغربية خلال الأعوام الأخيرة، تحديدا منذ انطلاقة الربيع العربي، وفشل مفاوضات محمود عباس مع الصهاينة، كما عسكتها جولات مختلفة منذ تسلمه السلطة عام 2004.
منذ 2004 ودولة الاحتلال تتمتع بحالة أمن غير مسبوقة، إذا استثنينا المواجهات التي اندلعت مع حماس وقوى المقاومة في قطاع غزة، ومن الطبيعي والحالة هذه ألا يكون في سجون الاحتلال إلا القليل من الأسرى، بخاصة بعد خروج كمية معتبرة من أصحاب المؤبدات في صفقة وفاء الأحرار (شاليط)، وحيث لم يتبق منهم سوى حوالي 480 أسيرا، لكن وجود 6500 أسير يعني أن حملات الاعتقال لم تتوقف منذ ذلك الحين.
السبب الأكبر في ذلك هو أن مطاردة شبح الانتفاضة م زالت تتسبب في زيادة أعداد المعتقلين بشكل دائم، بما في ذلك من يُعرفون بالمعتقلين الإداريين (بدون تهم)،والذين يقبع منهم حاليا حوالي 500 في السجون، وهو رقم كبير يعكس إيمان المحتل بتأثير هؤلاء على المشهد السياسي من حيث تهيئة الأجواء للانتفاضة في الضفة.
وفيما يكتفي المحتلون بعمليات الاعتقال شبه اليومية، وكان أكبرها خلال الأسابيع الأخيرة وجبة يوم الأربعاء الماضي، حيث اعتقل في يوم واحد 31 كادرا وقياديا من حماس، فإن للسلطة نضال أكبر يتجاوز عمليات الاعتقال اليومية أيضا، إلى عمليات إعادة تشكيل للوعي بحيث لا يفكر الناس بالانتفاضة.
وحين يسمح المحتلون، وللمرة الأولى لقوات أمن السلطة بالانتشار في ضواحي مدينة القدس، فهذا يعكس إيمانهم بإخلاص عباس في مواجهة شبح الانتفاضة، لاسيما بعد أن تميزت القدس خلال الشهور الأخيرة بأعمال مقاومة كبيرة، وغالبا عبر مبادرات فردية، فضلا عن بعض الاحتجاجات الشعبية الجماعية.
التعاون الأمني هو البعد الأكبر من أبعاد الجهد الذي تبذله السلطة في مواجهة شبح الانتفاضة، وذلك بتزويد المحتلين بما يريدون من معلومات، وبالصمت على عمليات الاعتقال التي يقومون بها بين حين وآخر، حتى لو تمت فيما يُعرف بمناطق (أ) الخاضعة نظريا لولاية السلطة الكاملة، مع استمرار الاعتقالات والتحقيقات بشكل يومي، ومطاردة حماس وقوى المقاومة؛ مالا وسياسة وخلايا مقاومة، إلى جانب المساجد والجامعات، وكافة مؤسسات المجتمع المدني.
هي عملية أمنية متكاملة، مع عمليات إعادة تشكيل للوعي عبر إشغال الناس بالمال والأعمال والاستثمار، وعبر تجريم حماس بشن حملات إعلامية دائمة عليها، حتى لا ينحاز الناس إليها، ومعها إلى برنامج المقاومة. ومن أسف أن حركة فتح التي تتصرف بروحية القبيلة لا زالت تنسجم مع عباس في جهده المشار إليه.
هو جهد متناسق ويومي بين الاحتلال والسلطة من أجل مطاردة شبح الانفاضة، وكلاهما يعتقد أنه يخدم برنامجه. الاحتلال بهدفه المتمثل في تحقيق الأمن، وعباس بما يراه من برنامج التعويل على التفاوض، وتكريس برنامج السلطة/الدولة، بصرف النظر عن مدى بقائها على هذا الحال، فضلا عن حقيقة أنها تتكرس عمليا كدولة مؤقتة تتمدد تدريجيا لتصل حدود الجدار في نهاية المطاف.
من هنا تبدو مهمة الشرفاء الذي يعملون على إطلاق انتفاضة في الضفة لتغيير مسار القضية وإخراجها من حالة التيه الراهنة بالغة الصعوبة، ولكن لا مناص من استمرار الجهد، والتعويل على شعب عظيم لم يتوقف عن اجتراح المعجزات، وهو يدرك اليوم أي تيه تعيشه قضيته، وحاجتها تبعا لذلك إلى انتفاضة تض قطارها على السكة الصحيحة كقضية تحرر من الاحتلال، وليست قضية مال وأعمال ورواتب، وسلطة تعمل في خدمة الاحتلال.

(الدستور 2015-04-18)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات