الاردن يشارك باجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة حول التسامح والمصالحة والتطرف
المدينة نيوز:- شارك نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين ناصر جودة في نيويورك امس الثلاثاء باجتماع رفيع المستوى في مقر الأمم المتحدة حول تعزيز التسامح والمصالحة ومكافحة التطرف.
وبحث الاجتماع الذي انعقد بمشاركة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والممثل السامي للأمم المتحدة لتحالف الحضارات ناصر بن عبدالعزيز النصر، وممثلي كافة الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ورجال دين من جميع أنحاء العالم ومتخصصين، سبل تعزيز التسامح والمصالحة ومعالجة تحديات مواجهة تنامي أجواء التطرف التي تسودها بعض المناطق العالمية مؤخرا وتشهد تناميا ملحوظا وتهدد الجميع.
وقال جوده في كلمة له اثناء الاجتماع، "إن اللحمة والتعايش بين المسيحيين والمسلمين في الأردن كان عبر التاريخ وما يزال من الركائز والمسلمات التي قام عليها بنياننا الوطني ويعد من أسباب قوتنا ومنعتنا".
واشار الى ان الأردن على الصعيد الوطني قام بالعديد من الإجراءات التشريعية، لتمكينه من مواصلة الدور الريادي في إبراز الصورة الحقيقية للإسلام كدين للاعتدال والوسطية والتسامح، ويجب ان نتحرك إلى ما هو ابعد من التسامح وهو القبول بالآخر، مشيرا الى رسالة عمان التي أطلقتها القيادة الهاشمية من أجل توحيد رؤية العالم الإسلامي وجمعه على خطاب واضح المعالم محدد الأطر، بهدف نشر الاعتدال وخلق جو ايجابي يساعد في صياغة المعايير الأخلاقية والإنسانية والاجتماعية المستندة إلى القيم الدينية لأتباع كافة الديانات، وما تحمله هذه الرسالة من مضامين وحصيلة فكرية لخدمة الإنسانية جمعاء.
ولفت الى استمرار هذه الجهود حيث تم تبني مبادرة كلمة سواء بينكم وبيننا، والتي تلتها مبادرة أسبـوع الوئـام العالمي بين الأديان، موضحا أن هـذه الانجازات كافة لم تكن لتتحقق لولا الجهود المباركة لجلالة الملك عبد الله الثاني وسعيه الموصول لتجسيد معاني التآخي والحوار وقيم التسامح والتعايش بين الشعوب.
وبين ان المملكة وبقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني تسعى وبشكل جاد وثابت للمشاركة الفاعلة في الجهود الدولية لمكافحة العنف والتطرف والغلو بكافة أشكاله وصوره، وأياً كان مصدره، مشيرا الى أن مشاركة الاردن بهذا الاجتماع الهام للجمعية العامة، ومبادرتنا المتعلقة بتمكين دور الشباب في مواجهة العنف والتطرف وتعزيز مفهوم السلام، والتي سيترأسها سمو الأمير حسين بن عبد الله الثـاني ولي الـعهد في مجلس الامن يوم غد الخميس، تأتي تأكيداً على هذا الدور المحوري والهام.
واضاف، ان خطر الإرهاب تفاقم في السنوات الاخيرة وتنتشر عصابات ارهابية واجرامية بصورة مختلفة في مناطق مختلفة مثل داعش والشباب وبوكوحرام والقاعدة، وغيرها من هذه العصابات التي تختطف الدين الحنيف، والدين منها براء، لا بل رسالة الديانات كلها براء منها، مشيرا الى ان هذه العصابات ترتكب جرائمها زورا وبهتانا باسم ديننا العظيم الذي لا تمت له هذه العصابات بصلة.
وفي هذا الصدد اقتبس جوده من خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني امام البرلمان الاوروبي الذي قال فيه "وفي كل يوم، وطوال حياتي، يتبادل الناس تحية "السلام عليكم"، وهي دعاء للآخر بأن ينعم بالسلام، وهذا ما يعنيه أن يكون المرء مسلما.
وأضاف "علينا أن نتذكر أنه وقبل أكثر من ألف سنة على اتفاقيات جنيف، كان الجنود المسلمون يؤمرون بألا يقتلوا طفلا أو امرأة، أو شيخاً طاعنا في السن، وألا يقطعوا شجرة، وألا يؤذوا راهبا، وألا يمسوا كنيسة. وهذه هي قيم الإسلام التي تربينا عليها وتعلمناها صغارا في المدرسة، وهي ألا تدنس أماكن العبادة من مساجد، وكنائس، ومعابد، وهذا ما يعنيه أن يكون المرء مسلما، وهذه هي القيم التي أربي أولادي عليها، وسوف يعلمونها لأولادهم".
وقال جودة، ان هذه حرب ايديولوجية ويجب ان تكون جهودنا موحدة وشاملة ويجب تحليل القضايا الفكرية والقضائية والسياسية والإعلامية والدينية، كما أنها تتطلب البحث في جذور النزاعات ومسبباتها، ففي منطقتنا بالشرق الأوسط، فإن الإخفاق في حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني يشكل منطلقاً لتنامي الإرهاب، كما أن عدم إيجاد حل سياسي للأزمة السورية وامتدادها، إضافة إلى الأوضاع المتأزمة في كثير من دول المنطقة تزيد من صعوبة التحدي الإيديولوجي الأمر الذي سينعكس سلباً على تحقيق الاستقرار في المنطقة.
واضاف انه لا يخفى على أحد بأن خطر الإرهاب قد وصل إلى مرحلة في غاية الخطورة، وما زالت أفعال عصابة داعش الإرهابية تمثل إيديولوجية العنف، التي لا تمت بصلة لأي دين من الأديان أو لأي عرف من الأعراف الإنسانية وقد شاهدتم في الاشهر الاخيرة استهداف العصابة للمسلمين والجرائم البشعة في قتل الطيار الاردني معاذ الكساسبة و21 مصريا على يد هذه العصابة، ومن كان لديه ادنى شك بوحشية هذه العصابات وهذا العدو فقد زال الشك ويجب تكاتف الجهود لدحر هذا العدو.
واكد جوده ان الأردن كان وما يزال في طليعة الدول الفاعلة في الحرب على الإرهاب دفاعاً عن مبادئ وقيم الإسلام السمحة، بكل حزم وقوة للتصدي لكل من يحاول تهديد النسيج الاجتماعي، واختطاف الدين الإسلامي الحنيف وقيمه النبيلة.
واشار الى ان الاردن ومن أجل تعزيز التوافق، وفي إطار سعيه إلى تعميق الفهم المشترك، فقد تم الشروع في تنفيذ إجراءات هادفة إلى تفعيل المنظومة الفكرية المتوازنة والمتكاملة باعتبارها حجر الأساس في معالجة مظاهر التطرف، وإيمانا منا بأهمية احترام حقوق الإنسان كشرط لتفعيل سيادة القانون وما يمثله من عنصر حيوي في المحافظة على الأمن والاستقرار، فقد تم مد الجسور وبناء الشراكات بين المعنيين بحوار الحضارات والأديان على صعيد الوطن والإقليم والعالم، كما تم حث المجتمع المدني على تعزيز التنسيق والتعاون مع المؤسسات الحكومية لتبادل الخبرات، حيث يتم دورياً تنظيم نشاطات في المدارس والجامعات لتعزيز قيم التسامح والاعتدال والانفتاح على الآخر وقبوله حتى لو كان هناك اختلافً.
كما قام الأردن ومن منطلق دوره الإنساني والتاريخي باحتضان المهجرين المسيحيين في العراق بوصفهم جزءا من النسيج العربي الاجتماعي وأصالته ومكون أساسي للحضارات التي تعاقبت على منطقتنا منذ فجر التاريخ، وفي السياق ذاته أكد الأردن على رفضه وإدانته لاستهداف الرموز الدينية وأماكن العبادة.
واكد جودة، أن نشر قيم التسامح، والمصالحة، والتمتين المجتمعي، والسلمي، عن طريق مواجهة التطرف العنيف لا ينبغي أن تظل مجرد شعارات نتغنى بها، وإنما تتطلب التزاماً جاداً وإجراءات مستمرة ومتضافرة لبلورة المقترحات ولترجمتها إلى إجراءات عملية قابلة للتنفيذ من أجل نبذ ظاهرة العنف والتطرف وإشاعة روح التفاهم بين الشعوب ونشر ثقافة الوئام والسلام.
من جانبه دعا الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون الى وضع خطة شاملة لمكافحة التطرف العنيف، مؤكدا اهمية البحث عن جذور القضية واسبابها والتركيز على ايجاد حلول لها وعلى الإجراءات الاحترازية". واكد ان التطرف العنيف بات يشكل تحديا عالميا ويتوجب ضرورة تقديم رد عليه يؤدي إلى حل القضايا بدلا من تصعيدها.
وقال، إن تنظيمات "داعش" و"الشباب" و"بوكو حرام" تهدد السلام والأمن الدوليين، وتهديدات هذه العصابات الارهابية لم تقتصر على منطقة الشرق الاوسط وافريقيا انما تجاوزت كافة الحدود. وأضاف ان مظاهر العنصرية والفاشية ومعاداة السامية والإسلام تؤدي إلى تنامي الكراهية وإلى سقوط ضحايا حتى في مجتمعات مسالمة وديمقراطية إلى درجة كبيرة.
وعبر الممثل السامي للأمم المتحدة لتحالف الحضارات ناصر بن عبدالعزيز النصر، عن قلقه من تصاعد أجواء التطرف، معتبرا ان انتشار العنف والتطرف والكراهية يشكل امرا خطيرا جدا ويتسبب بالكوارث الكبيرة ليس فقط على منطقة الشرق الأوسط ولكن أبعد من ذلك، داعيا الدول والحكومات الى المساهمة في إيجاد مجتمعات مدنية متسامحة ومتصالحة مع نفسها .
من جانبها عرضت ممثلة بنما في الاجتماع ازا بيل لتجربة بلادها مع التطرف والعنف وتعاملها معها.
وشهد الاجتماع مناقشات ومداخلات وتبادل للآراء حول انجع الحلول لتحقيق المصالحة والسلام ومواجهة التطرف والارهاب والحيلولة دون مزيد من انتشاره وذلك من خلال تحقيق العدالة والتنمية المستدامة للجميع واعطا ء الشباب فرص المشاركة في اتخاذ القرارات الذي يشكلون النسبة الاعظم في العالم.
(بترا)